جملة لا تناسب القياس - الكتاب كاملاً
* جملة لا تناسب القياس
* المركز الثقافي العربي-بيروت، النادي الأدبي بالرياض 2008م
في حالة كهذه
يليه:
حضن ثالث
في حالة كهذه
كفاف
( 1 )
لا أريد أن أمشي
أريد أن أكف.
ليس كمتفرج وإنما كعابر أيضا
أريد أن أختفي وأستمر بالشعور
والنظر
والحياة.
( 2 )
لم تصل ابتساماتي ولا وجيبي
ولم أعدل من هيئتي
كيلا ينكشف الأمر.
ليس خجلا
لكنها الرغبة في عدم بقاء الآثار
لست هنا أصلا
وليس ثمة هناك.
( 3 )
لم يتحرش بك أحد
كنت الدولاب المقفل
والآنية الزائدة عن الحاجة
ماذا تكتشف الآن ؟
لا أحد بيده المفتاح،
أنت أضعت السلسلة الأولى.
هشمت الآنية بلا كلل
لم تحتط
أسقيت زنوجك دمك الحامض وتسامرت وإياهم.
( 4 )
فيم تدق الإزميل؟
هذا الملمس معتدل
والوجه يناسبك
ما أنجزت سوى التمثال الناقص
حين كشطت القشرة
وعملت بمبردك لأيام
فيم تدق الإزميل
وماذا تتوقع؟
أمتعة
سترافقني بالطبع
أل (70) كلغ ذات أل (30) سنة
لا بد وأن أعنى بكل هذه الأغراض.
أرتبها أحيانا لكنني لا أستخدم إلا القليل منها
ماذا تفعل....؟
حقيبتك ستحتاج إلى يد تحملها
وقميصك لابد وأن يملأه صدر
تملؤه هو الآخر خرق قديمة
أما بقية الأمتعة فهي (الآخرون)
ألم تلحظ ذلك؟
أفكار قديمة
منذ طفولتك تفكر في الأحجار،
بمصادفة تنجب أحجارك أحجارا؛
أحجار ترعى الأحجار وتسقيها أحجارا.
أحجار متخلقة بسجايا نبلاء الأحجار:
تزهد في الأحجار فتصبح رملا.
أحجار تنظر،
تبتسم
ولكي تخدع أحجارا أخرى لا تتكلم.
الأحجار الأخرى تتبع نفس الخطة.
نمت مع الأحجار
وبنيت لها أعشاشا.
صحبة
من هو مجنون كالمطر
من لا يتذكر كالمصباح
من هو فسيح كالباب.
قرابة الأشجار هؤلاء
لا أسأم منهم
لا ينظرون ولا يتحدثون.
استسلام أعمى ليديها
كم تكره هذه المرأة
لكنك ستواعدها،
اترك رأسك يستند برضا
اترك خفقانك يعلو....
الآلات الأخرى ستعمل بطريقتها...
راقب مغتبطا.
انطفاء شاشة إلكترونية
ما يشبه أن تنام وتتأخر عن العمل لفترة
طويلة.
استغراقك في فكرة.
ما يشبه انطفاء شاشة إلكترونية لم تعبث بها الرياح.
ما يشبه (م) بعد أن تمحو أسماءها الألف
التي كتبت.
ما يشبه أن يختفي صديقك في الزحام وأنت في بلد غريب.
البلد الغريب الذي تمرر عليه يدك فلا تلمس منه شيئا
حيث صديقك الوحيد لم يعد وجوده ضروريا.
تقليم
•سيحدثك ثلاثة أيام عن بكائه أمام(super movies)
•فيسوافا شمبوريسكا: الشيخوخة مجرد منقبة أخلاقية مقارنة بحياة القاتل.
•تخطط لكتابة قصيدة جديدة عن تقليم أظافرك:
الإنصات إلى طقات القلامة،
تفحص تاريخ أصابعك، اللمسات الدؤوبة لصوت المبرد
ونثار أضأل من أن يسترعيك
يقيم له تاريخا آخر.
في حالة كهذه
لا أرفع رأسي...
أعبث بمساميري وأؤلف كثبانا أوسع،
لا ينكتني عودك وأصابعك ستنثرني.
بين الفينة والفينة
سأحدث نفسي:
كنت الموسيقى التي كتبت لي،
لكن خطاك الهادئة هنا فوقي لا أتوقعها
ليس لها فجاءة اللذعة،
لا تكفي موتى ينصت واحدهم لطيور تنشب مخالبها
في أجساد الجيران..
كنت تأخذينني بمجرفتك،
تنكتينني بعودك
وتسوينني
تسوين ترابي بتمهل
تتمهلين
ففي صفك يقف: الزمن، النبض، الماء
الماء المستيقظ دوما
كنت الحجر الغائر في مجراه
وخريرا ضالا لا يتبعه.
قلت سأؤلف كتابا لك
لكنني وجدت حيلتي زائفة
ففيها استدراج للكلمات.
..ظللت صامتا
فعلى الأقل، في حالة كهذه
ليس هناك كتاب
هناك صمت يمكن أن تستمرين طويلا في ترقبه
سأصمت.
ولنر من يتحدث أولا.
هل في اللعبة إثارة كافية؟
..أنا لا أتكلم
أعبث بمساميري
وأؤلف كثبانا أوسع.
بعد هذا
بعدما أكلت من شجرتي وشربت مياهي
بعد أن تذهب في الرائحة المرة
بعد حرارة يدك،
بعد استيقاظ امرأة نائمة فيك
وكانت تلعق عصافير صباحك قبل تفتحها،
الآهة بعد استرخائك،
الدمعة في خيط يلتحم بعينيها...
العرفان
..أهذا ما يبحث ليلك عنه؟
بعد هذا
بعد ثيابي اليابسة...
بعدما أكلت من شجرتي وشربت مياهي.
لاكتمال الجملة
دراساتك الطويلة عن الكتاب المقلوب
الذي يشبه امرأة مقلوبة
ستثير الضحك.
أما قراءتك الكاذبة لكف حبيبتك
فقد أبهجت قلبا وحيدا..
اقرأ كفها الأخرى إن استطعت
وقل لها بوضوح أن هذه الخطوط المتعرجة
ليس لها انحناء كاف لتكتمل الجملة
وأنك كذبت عليها
هل تستطيع ذلك الآن..؟
وقد انتهى كل شيء.
في حالة كهذه (2)
أتوقف أمامك بحذر، بلهفة.
أنت لا تعرفين عني شيئا، ولست أعرف شيئا عنك..
لنتوقف هنا قبل أن تحط أصابعي عليك،
قبل أن أستند بيدي
وأمشي.
لا تنصتين ولا أسمعك،
تحدقين في بجسدك كله
ولا تنفتح مني سوى نافذتين ضيقتين.
أقول لك: سئمت.
أكتب السأم طويلا وفي رأسه شمس.
لا تبتسمين ولا تأسرك دعاباتي.
سأحضر مشرطا رهيفا وأقسمك إلى نصفين.
سألمس عوراتك الداخلية كلها،
وسأضع لفافة قماش محل قلبك..
أنظر في جوفك
وأنت تستمرين في النظر إلي
بريئة وناحلة لا تدرين عني.
ألحمك مرة أخرى بالصمغ وأستعيدك ورقة كاملة
أمحو منها ما كتبت قبل أن أستلقي على السرير.
قراءة كتاب جديد
ملل أن تمشي في كتاب
أن تبدأ بكتابة تاريخ اليوم
ثم الموضوع الفاسد: أيامك
وبنفس الآلات
بحروف لم تتآكل من كثرة الاستخدام.
لتمش مرة فوق السطر
ولا تنحرف.
امش فقط واتبعني
قالت لك كلمات ميتة فتبعت أصابعها.
...لكن ملل هذا كله.
لم لا نصنع كتبا تنقصها صور
وعناوين
وفهارس
ومؤلفون.
أطياف
يا أختاه:
الجسد الذي تلتقطين السوس منه
بيد مدربة حقا
لن يعتدل.
إنها أطيافك فحسب هذه التي ترين زاهية حولي.
أطيافك التي تنادين باسمي،
تأخذينها في ذراعيك
تهاتفينها،
وتتقبلين بفرح لا يتوقع هداياها
أما الجسد الذي تلتقطين منه السوس
بيد مدربة حقا
فإنه لن يعتدل.
بقاء الرأس في مكانه
أنت أيتها الأيام الثخينة
التي تبقبق بين الفينة والفينة في رأسي
أين أمشي عليك وأين تترصدينني؟
في المختبئ من الأطفال والحكماء والمجانين
أم في صالة البيت وقناع الأب الذي يناسبني؟
في الشارع الذي لا أنظر فيه؟
أم في صفوف الدرس بعدما أضع قدمي اليمنى في الفخ
وأبدأ بتفحص الدفاتر.
من أنت؟
وأين نارك؟
الجذوة الخفيفة التي تعمل بلا كلل على إبقائك
ثخينة ومتماسكة...
من يواصل جلب العيدان الدقيقة لها
من ينفخ بإتقان ينابيع شهوتك
فترتفعين بحساب دقيق
يضمن استمرار الصداع
وبقاء الرأس في مكانه.
أنت...
أهذا ما تريدين؟
خديعة ناقصة
(1)
ماذا يبصر؟
لم يبعث بسخاء وبصمت؟
ماذا ينتظر؟
ألا يسأم؟
(2)
هنالك يشرب كالأشجار طمأنينته،
ويظل يكاتبنا بهديل لا ينقطع
أليست له سنوات يدخر لها؟
هل يسخر منا ؟
هل يتحدث بهدوء وعلى راحته
كما نفعل حين نكون وحيدين
وراء الباب المغلق
..يتحدث بخفوت وبسحر لا يتكرر
هنالك،
قرب السقف..
أليس غريبا هذا؟
(3)
ليس له مسكن أو آباء
خفيف لا يعرف كم يبدو الصخر وحيدا،
طيلة رحلته يتخلى.
لا يعبث أو يمتثل..
يسير
ويوجد.
(4)
قبل أن تضع يدك على القلب الضاج بالنار
وكي تكتمل خديعته
قل شيئا عن رائحة الضوء لنا
أيها الفراش الحكيم.
(5)
هل كانت تلك خديعته الناقصة:
الضوء ...؟
كائنات البلاط
مثل فلاح يتفقد أرضا
أتفقد دفتري السري الذي أسجل فيه حسابات واسعة
عن أيام تتوالى
كمربع يتبع آخر.
..هذا اللامع أخذ كثيرا من أيام (سليم).
(سليم) الذي جاء من الهند ليدعك سنوات أربع في سطل ضيق
بالصابون
وبكلمات لا نفهمها..
هذا المائل للأخضر كان يخون.
يترك فسحا تعرف الحشرات والديدان والغبار
طريقها الذي لا يتغير
وأعرفه كذلك.
تدريبات للدخول في غرفة
...لا مناص عن هذا:
أغلقت الباب خلفي
لا أعرف أين سأمضي.
..لم أولد في صحراء
لكن لا بد من الاستمرار في التدريبات
على وجود حوائط قاسية، ستائر وشبابيك
تنازعني الهواء والمكان.
هو
إنه لا يتحرك لأنه يحلم كثيرا.
وليظل كل شيء على حاله
يشرد ويتحدث مع أطياف وتصميمات أفكار وطيور جديدة.
التمثال الحاسر عن ذراعيه،
الأسود اليتيم،
قاع المعنى.
أطفال
الأطفال الذين يدفعون العربات البلاستيكية في الطرقات،
يحفرون التراب لملاحقة هواجسهم
ويكتبون ليغتاظ الآخرون.
يملؤون أرواحهم بالفراشات الملونة
الفراشات التي ابتاعها آباءهم
الفراشات الميتة.
وردة
يا حنق الأشجار،
وكراهية الأخضر.
يا شمسا نابتة في الغصن
أقول لك الآية..
... الآية: لا تشتعلي.
لا تشتعلي حين يقترب إليك
الأنف
يقول كراهيتك ويسقيك الأنفاس الفاسدة
لتمتلئين بآنية مرر عليها الصدأ لسانه
وبصق.
أقول لهم: لا ينصت هذا المتلون بالنار، القيح، الزيت الكامن والماء المسنون.
ألم بدايته في دربك
وأقول ابتعدي.
ليلة واحدة
ليلة واحدة هي حياتنا.
حياتنا لليلة واحدة،
من ثم فالمصابيح أهم الأصدقاء.
الظلام هو الخلفية التي لا تتبدل طيلة المشاهد.
في آخر الليل وحين نكون كهولا مجربين
تضاء الأنوار
ونختفي.
إذا عرفنا ذلك
...أي أنه ليست هناك يد ثالثة
تملك هذا الحنو الذي تمسد به شعرك
وأنت تسرب كلماتك الصادقة لروحك.
إن عرفنا ذلك
فهل في الأمر مدعاة للرثاء؟
دون كيشوت
كل ليلة كان صوت ما يقول ل (دون كيشوت):
إن لم تستيقظ هذا الصباح وتهمز (روثينانته) في الطرقات..
وكل مرة كان (دون كيشوت) يصحو قبل أن تكتمل الجملة.
احتمالات
إما أن آلتك الحاسبة لا تعمل
أو أنك دونت الأرقام الخاطئة
أو أنها تراوغك
أو أنك خاسر تماما.
هذه القصيدة مغلقة.
ملصق مكشوط من على جدار
ليس له داع لكنه مازال يجتذب العيون
التي دون أي تعبير
تنظر فيه.
مغيب
عين تغمض
ليس بألم أو بنشوة ...
باستسلام للعتمة والماء.
رغم هذا المشهد البارد
تنفرج ابتسامة ما
لتكون شفقا حنونا.
إنها إشارة سرية لمساكين يتلذذون بالغروب،
سخرية دافئة
أشبه بدماثة الموت التي لا تلبث أن تختفي.
نواقص
سرداب ليزين هذا الوقت
وفانوس كي يخشع.
آنية لهواجسنا الزائدة.
بريد للموتى.
ذكرى تهتز إذا ما هبت رائحة حياة.
أيام نملؤها بمرايا لا تنسى.
ابتهال
تجلدي أيتها الآلات التي تتآكل وتصدأ وتكل.
إنني أتعهدك، أنفخ عليك.
أصك عليك أسناني وأهدهدك.
لا تنقطعي بي في منتصف الطريق.
أمامنا مدن وفواكه وتسكع،
طائرات وموظفون وقوانين غامضة.
شحاذون وإخوة يكبرون.
أمامنا ليال شاحبة نسهرها معا
عزلة وبقية شاي.
تجلدي.
أثناء ركض البطل
معتم وبلا مستقبل.
أجلس أمام التلفزيون أقلب كفي
وشاشات العالم.
أمضي لمشاغلي القريبة جدا
دون أن أنجزها.
الحكم الرابع في مباريات كرة القدم،
ملتقط كرات التنس،
أحد المشاة الذين يشتكون من الصداع ويظهرون في نهاية الفيلم
أثناء ركض البطل.
ملحق:توابع وأشباه
عرض غير خاص
الكيلوت البنفسجي كان مثبتا بتباه على خلفية بيضاء،
فيما الضوء يثير وقار الزجاج بسرية..
ومنضدة صغيرة تحمل في سوق (مكة) الدولي بقية العرض بخشوع
وتناوش أربع عيون تسمرت لخمس عشرة دقيقة في رأسين
يتابعان الحديث عن قطعة فنية احترقت عليهما..
ومع أن الذهاب والمجيء إلى نقطة واحدة
كان يتم بتلوينات متعددة وبانقباضات مفاجئة
فإن أقدام السيدات اللواتي احتسين شرابهن الأسود كثيرا
عرفت أقصر الطرق وأدقها...
تلك المؤدية إلى المدخل
دون نقاشات حول المساحات المتبقية
لاثنين لا يريدان أن يبدأ عرضهما مبكرا أو محترقا.
توضيح
حتى لا ترتسم تلك الابتسامة الصغيرة الساخرة على وجهه..
لم يكن ينظر إلى محدثه،
السخرية التي يتحاشى أن تمد سائلها الدبق والكثيف على الآخرين
لم تكن تطرق أبوابهم..
وحين سيبتعدون بقفزات سريعة وقد اندلق على قماشهم الأبيض ذلك اللسان القذر للابتسامة
لن يجري وراءهم، لن تتبدل هيئته ولن يقوى على أن يستوقفهم
لتوضيح خلل المشهد الداخلي الذي تنفلت خيوطه أحيانا
بعدما تلتقي العينان...
السائل المر والكريه كان سخرية يوجهها نحو ذاته...
لكنه لم يعد يقوى على التوضيح.
إن أردت
أعرف ذلك المكان جيدا، وسآخذك إليه إن أردت.
لو تسألني سأدلك عليه كفندق،
إن دللتك لا بد وأن تدخله،
إن دخلته لن يسمح لك بالخروج.
ستبيع الأقمشة هناك إن أردت
وقد تسنح لك الفرصة في جناح ملكي ليوم واحد،
أما بقية الأيام فسيتقاسم المكان معك: أمهات وأطفال وآباء وإخوة.
حين تستدين مبلغا تافها لأول مرة
قد لا تكون تجارتك بارت تماما..
لهذا ستستمر في الاستدانة ونقر الضياء القليل المتسلل من عينيك، الصلاة والكذب والشكوى من رطوبة الهواء ودناءة الأشجار.
ستصادق آخرين يتأففون في أوراق يخبئونها عن الأعين
وستتبادل وإياهم مناورات لا يمكن أن تنتهي.
الذين ينصبون الشراك للطيور الداجنة سيستمتعون بانشداهك وأنت تراقبهم،
فيما ستملك قدماك مهارات جديدة في الإغماض
وسبر السطوح الرخوة للغاية.
الجزيرة – 2003
لأنني لست واثقا مما يلي ذلك ظللت أتابعها باستغراق
وهي تفتح شفتيها المحددتين،
ما يلي ذلك لست متأكدا منه فالتخمين ليس سهلا..
رغم بساطة الفعل:
انفتاح عضلتين ملونتين..
لكنما ليست وحدها الفقاعة الطفيفة
التي تبدو على الشاشة هي النادرة..
الحماس والحيوية اللذان يفيضان من الوجه حين تنفتح الشفتان،
العينان المتوثبتان يشعلهما توق وحيد كما أتوقع...
..المشهد كله حين ينقض على عيني بعنف،
الشفتان اللتان انفتحتا الآن عن أسنان لا تخفي ابتسامة مكتملة
تكاد أن تفصحا عن آهة فادحة ولعينة.
ولأنني لست متأكدا مما يوجد أسفل الطاولة التي تخفي الساقين
ستأتي الشياطين بمداعبات داعرة، بدغدغات آسرة تدفع بالشفتين إلى أن تنفتحا دوما
على تلك الصورة...
ولأنني لست واثقا مما يلي ذلك
فقد ظللت أرقب تلك الشياطين
إلى أن تغيب حين يجلس (جميل عازر) جانبيا على الطاولة
وهو يتخلى عن مسؤولية ماحدث.
يدير ظهره قليلا لنعترف له بذلك
وهو يكرر بازدراء: انظروا...
وبالفعل فقد لاحظنا معه
أن الشياطين التي نحب اشتغالاتهم في مذيعات (الجزيرة)
ليسوا موجودين.
سيحضر كهول عابسون يديرون المصارف
وهم يصنعون تماثيل من معادن لامعة وعظام فتيات نحيلات..
أما (جميل) وهو يقذف بالأخبار السيئة بعد أن يتنحى جانبا
فلن يهمه أن نلكز بعضنا (أنا ويوسف)
ونحن نضحك على خجله حين يفعل كهل مثله أشياء كهذه...
إننا نقدر ذلك يا(جميل) ونتفهمه
لا عليك.
قسمة
بعدما نخزه في ظهره كان الرأس المتدحرج في متناول صغار
أرادوا شيه قبل أن تنهرهم الأم الحكيمة التي ستتولى الأمر.
الجسد الذي هاجمه ضبع وحيد استدل على رائحة الدم
تناوشه كثيرون بسكاكينهم المبتسمة.
الضبع وبعدما تبرز على الجسد ليبعد هؤلاء المهرة الذين واصلوا سلخ الجلد. غمس أنفه في الدم..
قبل أن يتعفف ويغيب .
هم تنازعوا الفخذين والذراعين قبل أن يقترعوا عليهما،
الأحشاء وهي عادة خارج القرعة انتزعتها أصابع نهمة
كانت تعصر الأمعاء بخفة وتطويها في لفائف رائعة وصغيرة.
المشاحنات انخفض منسوبها لوجود عضوين متشابهين على الأغلب.
ذهبت الضلوع والفقرات والرئتان والكليتان جزءا من عملية قسمة دقيقة وسريعة لم تسبب الكثير من الفوضى.
عدا بقعة الدم الداكنة ليس للقسمة باق أو ذعر أو رائحة.
الذي ينظر ويبتسم
ليس ضروريا لمن ينظر ويبتسم أن يكون من العارفين.
الابتسامة ليست تأكيدا لتحقق التوقع دائما.
العينان المحايدتان تملكان تعبيرا مقلوبا يرى من الداخل.
الذي ينظر إلى خزانة، إلى حقيبة سفر، إلى آنية مطبخ باردة،
إلى صور قديمة أو آتية
..إلى قامات تمشي بوضوح هناك في مغاور الرأس:
ينظر ويبتسم.
معتذرا ممن يرقب المشهد في خفاء
داعيا إياه أن يشاركه الوليمة،
متواطئا-مرة أخرى –مع القماش والمعدن والورق والصفعات.
ربما كان يبتسم لأنه أراد من المرآة التي في جوفه
أن تنصت وتبكي، أن تراه ودودا..
سائل حنان فضي أو لمعة وميض.
قبل أن يغلق الحقيبة ويغمض عينيه أرادها أن تمسد على رأسه،
قبل أن ينتف الورقة الخضراء الصغيرة
من جديد.. (فاسدة).
كم مرة نظر وكم مرة ابتسم؟
كم مرة حدق
وكم نأى؟
كم مرة اجتمعت الابتسامة مع النظر
سوى في لحظات كهذه
وهو يجمعهما معا في مرآة حزينة
ولا يغادر.
لمرة واحدة
بعد أن أوصيه بالهدوء وأن يؤدي دوره بإتقان
كنت أتركه يتحدث مع أصدقائي
.. قبل أن أغلق الباب أسأله: ألم نتفق على الثمن؟
فيهز رأسه مطمئنا لتزداد أخشابي رسوخا.
يحل محلي في العمل دون أن يلحظ أحد شيئا..
يتعجب من رغبتي في هذا الجزء بالذات:
هل هو ضروري؟
-إنه العقد.
يحتضن حبيبتي ويهاتفها.. وبإلحاح يسألني:
قل شيئا عن النسوة الأخريات...
يقود سيارتي دون أن يلتفت كثيرا،
ينصت لأصواته المتنافرة وهي تروح وتأتي..
ينام في سريري دون أن يحلم..
ويتحدث بصوتي.
مرة قلت له أن سخريته الصاخبة هذه لا تعجبني:
لتتوقف ولنعد للمشهد منذ بدايته.
وكان يرى أن إضافاته الصغيرة يحبها الجميع..
.. هززت رأسي لمرة واحدة.
فهرس
كفاف
أمتعة
أفكار قديمة
صحبة
استسلام أعمى ليديها
انطفاء شاشة الكترونية
تقليم
في حالة كهذه
بعد هذا
لاكتمال الجملة
في حالة كهذه ( 2)
قراءة كتاب جديد
أطياف
بقاء الرأس في مكانه
خديعة ناقصة
كائنات البلاط
تدريبات للدخول في غرفة
هو
أطفال
وردة
ليلة واحدة
إذا عرفنا ذلك
دون كيشوت
احتمالات
مغيب
نواقص
ابتهال
أثناء ركض البطل
ملحق : توابع واشباه
-عرض غير خاص
-توضيح
-إن أردت
-الجزيرة 2003
-قسمة
-الذي ينظر ويبتسم
-لمرة واحدة
* إشارة :كتبت النصوص بين أعوام 2000- 2004 م
حضن ثالث
إلى (مصلحة عبدالله) :
حضني ..وأيامي.
أنثى لنهاية الشارع
مقلع وجد
تنامين
أنثى لنهاية الشارع
صورة بحجم الكف
بجوار شمعة لا تشتعل
سيناريو- لقاء
حساب
كنت أريدك
مقلع وجد
أشربك
أصابعك الشاخصة نسائي
وأظل طريدك
.. تلك الشاخصة
شواهد حيث سأدفن أطفالي..
أشربك
فتحترق الأعشاب:
يتاماي،
مصائر غيم ضل...
أصابعك
..وصوتك مقلع ماء الوجد .
تنامين
تنامين فآخذ وجدي فأسا
أقصد غابات لا أعلم كيف تسلل دمها لي.
أحتطب أصابع.. ألوانا،
أقواسا لسماوات
حيث تظنين الغيم.
وحين ينام الليل
وصدري يمتلئ ترابا
أرقب وجهك،
عينيك المغمضتين،
الأحلام تكاد تفيض..
أكوم حطبي،
أشعل فيه النار
لتتدفأ.. أحلامك.
أنثى لنهاية الشارع
أصنع صوتك
كصرير خافت للباب الألمونيوم.
تتسرب منه الروح هواء محروقا.
كحفيف ثياب خطرت في عتمة غرف عارية
كالرؤيا..
ضجة مذعورين
وفرح وحيد
يخرج لمدينة أسماك ميتة – قبل العصر-
وصوتك مكتمل..
الوجه أسيل
الجبهة قلعة نسرين جريحين
وكفك...
بالمشي سأكمل عينيك.
صورة بحجم الكف
1-الظل على جفنيك :
ماء ضحلٌ
...بالكاد علامة تحذير.
2-شجيرة كرز :
شجيرة الكرز (التي مارأيت)
كفك
بأظافر ينبت فيها الأحمر.
3-جينز :
حين ترتدين يكون (الجينز) فصيلة أشجار.
4-شفتاك:
بابتسامتهما الخجلى،
باللون الحزين الذي ينام فوقهما
حكايتان طويلتان
لم أنته من قراءتهما منذ ذلك العام.
5-جينز:
حقل تمارين الغيم،
الساحل الغامق،
الشجرة التي تثمر المحار والأسماك
الشجرة التي ترتدين.
بجوار شمعة لا تشتعل
ستكون هنالك أوقات تكفي للتوق..
تنشق رائحة حنين يأتي،
للحرقة
وهي تسيل ببطء
بين مضايقها نحو الوهدة؛
وفي تلك الأثناء ستحتاج لأوقات أخرى
كي تستكمل.
..لن أسهم هذي المرة
أو أترك روحي تذهب
كي تفلي أيامي
تضعك أغصانا حانية،
تنزعك
(كما هي مازالت أوراقك
.. الورقة قلب مفتوح
لا يتألم
لا ينتظر أصابع
ينظر
يسفح أخضره في العينين
ولا يستنفد)
ستكون هنالك أوقات تكفي للنظر..
الآن سأكتب اسمك
سأجمع أفكاري
تلك الصخرات اللاتي…
(في أية ليل سقطت؟)
يتفلت بعض منها
ثم ستقعي قرب اسمك
وأنا –المذعور– سأضع على كتفيك ذراعي
وسأبتل.
سيناريو- لقاء
(1)
•أقرب من خاطرتين
تمدان على الطاولة -بحذر كيلا تنسكب القهوة-
أجنحة أربعة تتعانق
كل يد تهب إلى الأخرى معجمها
أقصر..
•أقرب من خاطرتين تبادلتا فوق الطاولة العابرة
معاجم أيامهما.
•أعلم أن ذراعيك نحيلين
وروحك رائحة ملاك
• إذ نصمت
وذراعك فوق ذراعي نعرف هذا.
كله.
(2)
•عيناك الطيبتان
العصفوران الورعان يبلل ريشهما الماء
فينتفضان قليلا
قولي لهما أن طيرا
…أو لم يختار العصفوران أعالي البيت المتهدم زاوية للعش؟
•لا تبكي…
حياتي قطرات لونها الأسود
تنحدر
وهذا الوقت
لمنديل ورقي
كان يلم نزيف النبع المالح.
•ماذا كنت تقولين لأسراب عصافيرك وملائكتك
إذ أقف أمامك مكشوفا وكأن العالم كان يراني؟
كنت قبالتك على كرسيي كقميص مقلوب
لا أسألك
ولا أسأل أحدا.
•أجد الجنة إذ أدلف لهما
هاتين العينين الضيقتين.
(3)
ابتعدي أكثر
ليمرغ هذا الضوء سهاما حانية
فوق الكثبان الرطبة والممتلئة بهواء ناقص
وحياة لم ننقضها
ابتعدي.
هل يتبين لك آت
يحمل رأسا مائلة وقنان فارغة تشبه أفكارا؟
…يقترب كثيرا؟
ابتسمي ودعيه
…ألا يتبين لك؟
هذا ما كان يريد
لنتحدث…
حساب
وبماذا تتذكرك الآن…؟
أتغوي تركتك البائرة حنينا أو عينين…
أتشعل مصباحا في صحراء ستصل إلى قلب حالك
قلّب أوراقك
كنت دسست (أحبك) في راحتها
ثم سحبت يديك سريعا
ونسيت حياتك وردا مغموسا في ماء الطاولة.
كأن حقيبة يدك تغادر في سيارة غرباء
كأن طفولتك تداعب رأسا يستغرق في طرقات ضيقة تتشعب:
تتذكرك بماذا الآن…؟
كنت أريدك
كنت أريدك ساحرة
تتخذ عصاها من جسدي.
تأخذني جمرا في مبخرة واسعة
ترمي فيها طيرا حيا (الهدهد أو ما شاءت)
فهناك:
ستملأ أنفي رائحة الريش…
يكش سريعا كنضارة ألوان نصطبغ بها…
العينان الجاحظتان،
اللحم المحترق...
يذكرك بماذا؟
جسدي الهامد (الأحمر مكسوا بالفضة)
يتسع لغيمات وثلاث سنين..
لمخيلة سترى الأشياء من الأعلى
حين ينز قليلا دمه الأسود..
دمه الأسود:
سيكون سماوات حانية..
تأريخا لعواصف ولقيمات كان يهبها أنثى…
عشا
يكفي ليحدق منه على هيئة فقاعات طيف حقيقتنا
كنت أريدك
...
لامست حجارتك،
لعقت ترابك وشربتك
فلماذا تمتنعين؟
خذي رأسي بالله عليك..
أكوم شعري الخشن على حجرك
ولتجدي من بين معاجمك كتابا يأخذني..
لم تمتنعين..؟
هنالك صحراء ستتسع لخيبتنا..
(فكيني)
مادامت لم تأت إلى الآن ثعابينك فلتلقيني عنك بعيدا…
حبة رمل أو عقرب أو لحظات تلبث في قلب حصاة…
ارمي بعيدا بي
أو ارمي فراشات أخرى في مبخرتك..
ارمي
عواطف فاسدة
وملابس فتيات للتو انتزعت منهن،
هواجس جيراني..
وهواء يشبه ما يزفر شارعنا..
هيئات الأحلام
ونافذتي…
شدي حين تلفين حبال الصوف على جسدي
والقي قبيل مغيب بتميمتك إلى البحر
سيرتفع الماء ومن ثم سيهمد
لا أكثر..
هل تحتاج الساحرة لأكثر من هذا…
كنت
سأستأنف فيك حياتي.
شجر عار
بين ليل وآخر
حياة
أحلام
شجر عار
كل صباح
رسالة
وحيد
بين ليل وآخر
…أمهاتي البعيدات
هن.
يجئن بأغصانهن التي يبست
بحكاياتهن
وينخزنني بين ليل وآخر
ليست لأسمائهن ظلال
وليس الحنان بساتين مصرورة في ملاءاتهن.
يجئن
لئلا يكون الخلاء سميكا
عند رأسي يجلسن
يشبهن بعضا
يمسدن شعري،
يُطرقن.
فيما ستملأ أنفاسهن منامي.
حياة
الباب المغلق إيحاء كاف،
مصباح الغرفة: عنوان استدراج مطفأ.
مع ذلك لم يأتين..
نساؤك.
لا معنى للحيطة.. هيا اخرجن
تقدمن
بعطر خافت وأساور لا تلمع
بعيون بيضاء تقول،
بأصداف تنكشف
تعالين..
سيلمس أطرافا باردة ونتوءات لا تلتئم
ولن يتكلم،
سيكون عظاما حانية تصلح للسكنى
فالبرد ثقيل إذ يطأ هلامات خائفة
البرد ثقيل.
أحلام
أحلامي لا أتذكرها
أدفنها في نسيان
ليس كما يجب خؤونا
لولا ذلك: أي طيور ماتت في حلقي
تاركة ما يستقبل خطو الغد
شجر كراهية..
أو شبه رسائل ساخرة تبعثها الجثث إلى العالم:
كم نبغضك.
شجر عار
الأوراق المصفرة تنصت للخطو وتدنو،
خصلات من شعر امرأة
ستخشخش بحنان فوق رصيف يسأم.
خصلات من شعر امرأة
فاضت بالرحمة
تلك الأوراق المصفرة.
الفرع الصاعد في الأعلى
لم يكسره الأرق..
الأوراق الخضراء:
الليل الساهم
..ظل يقص لها شمسا لا تنفد
-يكرج في الريح صداها الآن–
لحاء الساق سيشرد سنوات
حتى يتشقق
-لن ينتبه له أحد–
أما الشجر العاري فسيسرق مخلوقات الشارع؛
الميت تسكن موسيقاه
عيونا مستعجلة للسابلة..
كأن الأبد يعود
..وحيد يصعد بين بيوت ماتت
ويصفر لحنا يشبه خشخشة الأوراق المصفرة
فوق رصيف
يسأم.
كل صباح
كل يد تشطف لوعتها،
كل رياح،
كل امرأة أتبعها
فيما يشخب..
دمها..
أحلامي.
منتثرا،
أشبه ذكرى أمنية ماتت
أترَصَّدُ
لا نافذة كي أستبق خطاها
لا ليل لأشعل شمعة بابي
...حين سينفد هذا الرمل
بماذا أكسو الأشباح الهائمة-ذراري البلل؟
الذعر:
الاستيقاظ على جلبة
أولى شجرات المعدن في الخارج..
شمس ونهار أطول من نظرة أعمى.
رسالة
بالطبع صفاقات نشترك بها
تجعلني أكتب ل(عمر بو قاسم )
ليلاً
لا تتحرك فيه نوافذ،
لا تومئ طرق..
ليل كبقية صحن عشاء..
ضحل تكفي ذرات غبار وثلاث بعوضات كي تؤنسه.
باطمئنان أكتب هذا الليل التافه
كتجاربنا المكسورة..
أصلحناها بغراء (من تايوان)
رفعناها في أركان الغرف وأسندناها بعيون شاخصة..
وكما تعرف..
ينفك الصمغ
أتعلم؟
هو هذا ما يمكن أن أتركه
يجلس فوق رصيف يتسع لنصف الصفحة
…هذا الخاشع
ذو الساعات الخاملة
استمع لنا
خذه فقد فاض.
وحيد
إلى عبد الله التعزي
•الحجرات الخالية تنام على صحراء،
تستيقظ في بيت ضيق .
•الحجرات اللائي لم تطرق
ليست أسرارا.
•الرائحة غبار لعراك النسيان
..الجدران لها ذاكرة ويدان.
•الرائحة بلاد نتركها تنسل
ونحن نعد حقائبنا.
شمس تملؤها العتمة بالأنفاس.
•غرف الفندق ليس لها رائحة
منفى أو سجن يفتح للتو.
•الريشة لا تنصت للريح
تتحدث…
قال العصفور.
دقائق الرسالة وأجنحتها
دقائق الرسالة وأجنحتها
قصيدة حب
جملة واحدة هي كل ما لدي
وهجك
يا أمي يا حبيبتي وأخاديدي
الذي يجعلك كذلك
كي تكون في مجال النظر
وأنت تسيرين
بعد 20 محاولة للقياس الدقيق
أناة الخائف
أناة الخائف التي لا تنكشف
ليس من رسائل جديدة
كرسي الساعة 11- مقهى (رينديفو )
قراءة مملوءة بالشواهد
دقائق الرسالة وأجنحتها
لحظتها ونحن ندفع أقلامنا بخفة في الورقة كي نلجها، ولجنا الجنة.. واستنشقنا شجرها معا.
هو الشجر الذي نمر عليه الآن ونداعبه كذكرى بمياهنا الميتة،
هو ذاته الذي يطفر أحيانا من عيوننا،
من عيون كائنات ولجت ذات الجنة ونظرت ذات الجهة.
حيث (الواو) حضن شخص ثالث،
النقطة كوكب تشمله الورقة
وتلتقطه ثلاث أصابع.
أما (الميم) فهو كون لممناه في أحضاننا واختبأنا به عن العيون.
هي رسائل منحتني حياة شاسعة الظلال في دقائق وأجنحة.
..اللحظة التي تذوقنا ترابها وأجنحتها
والتي ملأت عيوننا بغبار الفردوس
ما من سبيل إلى وصفها.
قصيدة حب
ولدت من عينيك.
شفتاك نفختا الرماد
وأصابعك لملمت حصاي.
جملة واحدة هي كل ما لدي
حيثما تذهب عيناك،
حيثما تتوقف.
حيثما تجس وتتحسس، تفتش..
حيثما ترششين ضوعهما على سأم العالم
حيثما ترسلين نداءهما الخفيف...
على الجمادات ومناظر الطبيعة الصامتة
على قلق التجريد وبذاءة الوحشية
حيثما تتوقف موجة وحيدة لا شبيه لها
لبرهة.
البرهة تكفي للانخطاف،
للحظة المديدة التي أولد فيها وأشب وأشيخ وأدفن.
وهجك...
آخذ دقائقك الذهبية الرقيقة وأندس فيها،
أختبئ وأمحي،
أتيه.
شوارعك الناحلة يملؤها الشجر،
بحارك الصغيرة وأسماكك الملونة تتقافز في صدري.
مدن من الحلوى، من الثلج، من أعشاب تطفح إلى قدمي.
امرأة تأخذني إلى حجرها وتحز عنقي
فأبتسم ودمي يشخب على الرصيف،
أبتسم وعيني تتسمران،
أبتسم وفمي نصف مفتوح.
...
...
...
...
كل هذا في دقيقة صغيرة التقطتها منك،
من هالة شاسعة تحلق حول كلماتك
وتنفجر في صدري.
كل هذا في البرهة
فوق سطح كوب الماء الذي تشربين منه
وأشرب بعدك:
تترقرقين
ولا ينطفئ جحيمي.
...
...
دقائقك الذهبية أنتزعها كما أنتزع سنا
أو أقشر ثمرة (مانجو)،
أحتطب أصابعي
أو أفض غلاف رسالة تسكنها آلاف الطيور.
يا أمي يا حبيبتي وأخاديدي
يا أمي:
أتلفني الليل وأفسدتني أذني،
الهواء صنع أخاديده،
الأصدقاء سخروا من حدائقي الطينية ومزقوها
لم يعد فيّ ما يحدق.
هاتي كفيك لأضع بها أيامي حفنة رمل
هاتي أيامي...
هاتي كفيك وأعدك بأني سأكون أمينا وسأضع بها أيامي:
الريش والجذور والصدأ والدم
كل شيء سيكون كحفنة رمل ننفخها
ننفخها معا.
هاتيها.
الذي يجعلك كذلك
أليفة إلى حد أنني أبدو قبيحا أمامك، أحرص أحيانا على ذلك.
أليفة إلى حد يجاوز الزنجي الذي يسكنني.
أليفة إلى سوادي، إلى القيعان والمهاوي
أليفة إلى حد أنني أكون وحدي معك.
هل أنت الشفافة.. تحيطين بي
أم الداكنة الفسيحة حيث أغوص ولا أرتفع أبدا
هل أنا ضوء أم حجر؟
هل هناك أنت، هل تبقى مني شيء؟
هل وُجدتِ؟
كي تكون في مجال النظر
النخلة من أجلك تتنفس هواء الأعالي
كي تكون في مجال النظر.
الطيور تحلق كي تسنح لالتفاتتك،
الشرفات ابتكرتها اللهفة،
الشبابيك اسم من أسماء الشوق،
السماء تكون صافية لأن الأزرق يريد أن يلتحفك،
الشمس لا تفارق سماءنا لأنها تعبير أكيد عن الدهشة،
النسور تقليد لانحناءة حاجبيك،
الصحراء الكثيفة كلمات لم تكتمل
وهي تحاول وصفك،
الطرقات: ليحفك حين تسيرين الناس،
والمدن فكر بها قائد قديم كان يتساءل:
هل ينبت البشر؟
المطر نزل بك إلى الأرض.
هبطت قطرة
ومشيت بيننا.
وأنت تسيرين
الأقواس، القباب، الدوائر، الخيوط النحيلة، الثلمات، الجداول، القمر، الخلجان، البحيرات، الجناحان، الليل، الموسيقى،
الفجر الذي يتسلل، الشفق الذي ينوح،
الضوع، الضوء، الحرير، التموج، الرمادي،
البهجة.
اكتشفناها بمراقبتك وأنت تسيرين.
بعد 20 محاولة للقياس الدقيق
أؤجل للمرة التالية أسئلة من نوع:
كم جرعة تلزمني لأمتلئ،
كم جنة بين يدي،
كم ليلة يمكن أن أنام دون أن يوقظني سرطانها الأخضر والمليء بالسكر.
كم ليلة يمكن أن تنفجر كليال أخرى لم يسمع بها سوانا
ونحن نتقدم ضاحكين نحو صباح في منتصف اليوم.
كم بحرا يمكن أن أعبر دون بلل
وكم بحرا يمكن أن يترقرق في عينيك..؟
في عينيك
ونحن نطل معا، ونصل سوية في ذات المشهد.
2
أحبك لأنك لست بحاجة للاكتمال
مكتملة كما هي طفلة.
3
إلامَ كنت تحدقين،
لم تنفرج شفتاك (شاطئ النار ونافذة الذهب)
نحو ماذا كنت تسرحين بعينيك؟ ولمَ..
لتلونين الهواء
بعد أن تطلق الجدران تنهيدة حبيسة وسرية نبتسم منها معا.
4
لا.. لن أستيقظ.
لا أرغب في عمل وأصدقاء وأطفال،
لا أرغب في المشي ولا في قدمي.
الحلم: قارات جديدة يطفو جليدها على ورق الأطلس
وقد أطفأت مفاتيحه..
لا شأن لي بالسفر وروائح الشوارع الجديدة.
العتبة التي لا ترين على باب غرفتك،
الحجر القديم الذي لمسته،
النقطة التي وضعتها بلا تخطيط أثناء كتابتك..
هذه النقطة التي التصقت بك
كنتها.
ثم.. حدث ما حدث كما تعلمين.
أناة الخائف
أخاف أسئلتي
وأخاف ساقيّ.
في شرودك أخشى ألا تجديني.
أخاف خروجي من خواطرك المتشابكة دون أن أجد بابا للعودة.
هل تنصتين لوجيبي الخافت؟
هل تنصتين له وهو يكرر:
الطيور تعيد نداءات الرحيل،
الأحمر الذي يهتف بفصاحة،
الأسود العميق وهو يتنهد بوضوح..
هذا ما يجعل النباتات التي تتسلق أحلامي
تصبح ديدانا صغيرة تلتهمني ببطء.
تطمئنينني: لا ضرر من طفيليات صغيرة تنمو على كتف مواعيدنا،
تغمزين الجملة وتبتسمين..
أبتسم.
وأخاف.
أخاف صوتك حين يفتت كالموج صلابة اليابسة ثم ينسحب،
...ماذا يريد؟
لم يكرر أغنياته وهدهداته...
أجهلك
كما تجهل ورقة صغيرة رصيفا تحط بها حسابات الريح فوقه
وأعرفك كما أعرف يوما مضى.
تقودني إليك العلامات
ويأخذني منك الدليل.
أتيه..
لأنني لا أعرف طريقة للمشي
ولا أرغب في تعلم ذلك .
فرع شجرة سعيد يطفو على محيط،
يخاف الوصول
كما أخاف أسئلتي.
(2)
أرأيتِ...؟
ظللت أدفن راحتي في أماكن عديدة
لتجديها وأنت تعبثين.
ظللت أربي ممالك الصدأ على جسدي لتكشطيها
ظللت يابسا كيلا ينفد مني الجمر في ليل بارد
حين نكون وحيدين.
أرأيتني مضطربا وضائعا
مخزن تتراكم فيه القصص والقصاصات والأشياء التي لا أستخدمها
قد تسألين يوما عن: قارورة قديمة
أو رسالة من سطرين
ستكون لدي
كما هي كلماتك وآثار أصابعك
كما هو عطرك، غضبك، حنينك
سأمك مني.
ولأني لا أملك ممحاة تمنحني النسيان ولا فهارس لنبض أضبطه على يديك
كنت أقول لك:
الزمن كائن يتخلق من أطيافك،
الأمكنة لا تكترثي بها
إنها حجج واهية ألتقيك خلالها.
أناة الخائـف التي لا تنكشف
أخاف أن تسهم بعيدا عني
أخاف أن تبتسم في ذهنها خاطرة مسمومة،
أخاف أن تنسى
وأخاف حياتها.
أخاف أن تخاف وترتعد وهي بعيدة عني،
ألا أجدها حين أبحث عنها وهي خائفة،
أن يكون الخوف بئرا عميقة وواسعة نتيه فيها،
أخاف أن نتبادل الأماكن دوما فلا نلتقي.
أخاف أن نكون فكرة
أخاف أن تكون فكرة.
أخاف أن يذبل عشبها
أخاف أن ينقط جلدي الصدأ وأكل.
أخاف الهواء الذي يحرك شعرها الطويل.. ما الذي يقول؟
... هذه السطور التي ترتعد قلتها لها بأناة واشتغال
فقد خفت أن أكتب لها بانكشاف:
أخافك كأبي وأخشاك كأمي.
ليس من رسائل جديدة
ليس من رسائل جديدة وليس من ندم.
أيها العابر تمهل، أيها الطفل الذي يحب مشاهدة أفلام السينما،
أيها الشجر الذي لا يكف عن الصعود
تمهل..
الحب تتوسد شمسه الشاحبة قلق الموج،
الأسماك تهرب أرواحها إلى مكان آخر،
القارب الذي يقوده ساعد نحيل
لا يعد بمشاهد كبيرة.
***
ماذا بقي وماذا تبخر؟
ماذا اختفى في السراديب العميقة التي تحيك فيها أفكارك
كثياب لا تناسب القياس أبدا.
***
هذا النهار الحار يجعل كل شيء ينز عرقا:
الحوائط، العربات، أجهزة التلفزيون وجلد جبهتي.
النهار الفاتر الذي تتتابع ساعاته بشغف لا يفسر.
كيف لك أن تحدثه عنها وتقول له ببساطة:
انسلختُ منها فجأة
لأن صوتها بدا باردا.
***
الورد والأغنيات، الكلمات التي كانت تأتي على شفتيك بلا تقصد
أين ذهبت؟
هاأنت تعود إلى أوراقك
بعدما انفجرت آخر فقاعات الهواء
وخمدت في فتور الطين وقساوة القاع.
ولتختبر مدى الهوة العميقة التي تفصلك
عن منابت الماء
ترمي حجرا
وآخر
..لا يصلك صوت الارتطام البعيد
ولا يعود صوتك.
كرسي الساعة 11 – مقهى (رينديفو)
صوتك يأتي.
يقترب ويعبث في مياه لا تنتهي.
صوتك الناحل، العميق، الذي لا يتردد:
ينغرس بثبات كنبات صحراوي.
ما يقوله ليس مهما.. النبرة تكفي:
الاتساع الذي يجمع النجوم، الحصى، الأرق، البساتين، ملوحة البحر.
لا يقول شيئا لكنه ينغرس في العمق، يدفع بالأنسجة الرقيقة وينغرز.
أكتب عن صوتك بهذه الطريقة
لأن ليس هنالك الكثير غير موسيقى ضاجة في مقهى الساعة 11.
***
لو أنصتُّ لك.
لوعودك التي ما قلت
لو لمست ظلالك،
الرذاذ الذي يصلني من كلماتك،
الجغرافيا الدقيقة التي ترسمين خرائطها على أثير دافئ.
لو اندفعت وقبضت على قوس قزح
حين تقولين (الخبز) أو (الوردة) مثلا..
كل هذا يفوتني كل مرة تترقرقين فيها،
لأن الفجأة تأخذني دائماً
حين تتنكر في صوتك النحيل وهو يندفع،
لا يتسلل ولا يبتكر حيلا
ينغرس بثبات كعصا في كثيب.
***
سعف النخلة يرقص بلا اكتراث في ظهيرة الشارع،
العلم ينتصب بخيلاء تدعو للضحك،
عامل البناء في (السطح) وهو يدعك أيامه أمام الملأ،
حارس البوابة حين تحشو الرتابة جواربه وقميصه،
السيارات العابرة بلا أمل،
الطيور والشجر المهذب تتواجد لإكمال المشهد.
اختاري واحدا من هذه السطور ليعبر عني.. اللحظة.
حيث تبتعدين
ولا يقترب مني سوى هذا السأم
بأصوات عالية جدا
بموسيقى ضاجة تصلني كحراب لم تختر طريدتها.
قراءة مملوءة بالشواهد
قراءة ميتة ستكشف كم كان ينبغي ألا ننظر بعيدا،
أن نتحسس الأماكن التي نخطوها.. لأن العينين تطيش
كما تفعل يد تتلمس قطعة ذهبية ملقاة في قاع الماء.
كما يطيش الموج ويثرثر دون دعوة مع شواطئ قاسية.
كان يمكننا المكوث الطويل كصخور عالقة في سفح،
لا تعلم متى تنطلق وتهرول.
..في خطفة كان عناقنا الحياة الوحيدة الممكنة
حيث حرية الهوة الفسيحة كانت أكثر منا جرأة
وقتلتنا.
...
القراءة التي ستتجاوز ذلك يلزمها جنون الجبل حين يؤوي إليه الطيور والأعشاب والينابيع.
تلزمها الدقائق والأجنحة،
اللحظة وهي تشق طعمها اللاذع والمسكر
في ساعات النهار والجسد.
ولـه
•أقصد حين أقول لها: الصفحة المقابلة
أنني أنتظرها في الشارع المقابل
وقد تعثرت في اسمها مرارا.
أقصد ذلك وهي التي تطوي صفحاتي بعناية دون أن تبدل شيئا...
سوى ما يرتبك بين أصابعها
حين يقترحها كتابي تفسيرا وحيدا.
•...بالوله الذي يفكك كلماتي عرفتك
وبمشيتك وأنت خارجة مع بنات (الكلية)
تحاذين في الظهيرة حفيف الأمل،
تأخذينني.
•يقصد الوله الذي جعل للشجرة كل هذه الفروع.
حين يراها احتمالات يصعد أخضرها إلى حرائق تشبهك.
وأنت...
أنت تجعلينه لسان الشمعة الذي يقص للهواء...
الوله.
يقصه أشرطة ملونة وروحاً.
الروح التي تلهو مع قناص كنيته الزمن
اقتنصت ريشها منه.
من الوله – ولهه.
رقصت من ولهك.
لكِ
كانت تنزع وتنتزع.
•هو: الوله الذي قفز من عيني شيطانًا عارياً واستند على كتفي
في وقوفي
بانتظار
صوتك.
الوله
يصعد ولا يتسرب،
يملأ الصدر بالأقمار الساخنة ولا يذوب.
•ولهك أنت.. هذا.
•في صمتك غرفتان وموسيقى،
في كلماتك...
كلماتك.
..بلا أبواب أو مساكن لكنها تتسع لاحتضان مديد.
تحتضنينني مع طيور ونخيل.. فأنام.
..أنام في كلماتك التي بلا أبواب أو مساكن.
•حضورك شوق أبيض
وليس غيابك ما يشحذ الوله..
حضورك يستصرخه كذلك.
•وأنتَ...
أيها الغريب الذي يسقي بحنان هذه النباتات..
يعالجها بيديه في مستشفى يؤمه مجذوبون وحكيمات وملاك واحد.
أنتَ من يسمي النباتات بأسماء حبيبات هجرنه وأطفال ينتظرون..
الذي يسقي الليمون بعينين مغمضتين وتجعله (الفلة) الصغيرة يابسا..
أنتَ بالثوب الأبيض والشعر الذي لم يشذب
وقد انحنيت على
(غاردينيا) أدهشك ثراؤها..
أنتَ
وقد فضحك الوله في سؤال عابر:
ما الذي جاء بك هنا؟
أنتَ
وقد أكل الذئب رأسك
لم تخبرهم أن لم يتبق سوى قدمين تبعتا دبيب الوله لتكتملا.
•أريدك شجرة الماء التي بلا جذور،
ثمرة الوله وقد تكررت آلاف السنوات في نبضي..
أريد جسدك ويديك، حزنك ومائدتك..
أريد فمك وخطواتك التي تقرع الممرات وتستيقظ منها جماداتي.
•كن حادا لتسلب المزيد،
غامرا لأغرق،
قاحلا لينبت الماء.
•إيه أيها الوله
...
...
...
...
لا تنضج.
إشارات
•كتبت نصوص (أنثى لنهاية الشارع)، ( شجر عار) بين أعوام 97-2000م
•كتبت نصوص ( دقائق الرسالة وأجنحتها ) عام 2002م
•(وله) كتبت في العام 2004م
* جملة لا تناسب القياس
* المركز الثقافي العربي-بيروت، النادي الأدبي بالرياض 2008م
في حالة كهذه
يليه:
حضن ثالث
في حالة كهذه
كفاف
( 1 )
لا أريد أن أمشي
أريد أن أكف.
ليس كمتفرج وإنما كعابر أيضا
أريد أن أختفي وأستمر بالشعور
والنظر
والحياة.
( 2 )
لم تصل ابتساماتي ولا وجيبي
ولم أعدل من هيئتي
كيلا ينكشف الأمر.
ليس خجلا
لكنها الرغبة في عدم بقاء الآثار
لست هنا أصلا
وليس ثمة هناك.
( 3 )
لم يتحرش بك أحد
كنت الدولاب المقفل
والآنية الزائدة عن الحاجة
ماذا تكتشف الآن ؟
لا أحد بيده المفتاح،
أنت أضعت السلسلة الأولى.
هشمت الآنية بلا كلل
لم تحتط
أسقيت زنوجك دمك الحامض وتسامرت وإياهم.
( 4 )
فيم تدق الإزميل؟
هذا الملمس معتدل
والوجه يناسبك
ما أنجزت سوى التمثال الناقص
حين كشطت القشرة
وعملت بمبردك لأيام
فيم تدق الإزميل
وماذا تتوقع؟
أمتعة
سترافقني بالطبع
أل (70) كلغ ذات أل (30) سنة
لا بد وأن أعنى بكل هذه الأغراض.
أرتبها أحيانا لكنني لا أستخدم إلا القليل منها
ماذا تفعل....؟
حقيبتك ستحتاج إلى يد تحملها
وقميصك لابد وأن يملأه صدر
تملؤه هو الآخر خرق قديمة
أما بقية الأمتعة فهي (الآخرون)
ألم تلحظ ذلك؟
أفكار قديمة
منذ طفولتك تفكر في الأحجار،
بمصادفة تنجب أحجارك أحجارا؛
أحجار ترعى الأحجار وتسقيها أحجارا.
أحجار متخلقة بسجايا نبلاء الأحجار:
تزهد في الأحجار فتصبح رملا.
أحجار تنظر،
تبتسم
ولكي تخدع أحجارا أخرى لا تتكلم.
الأحجار الأخرى تتبع نفس الخطة.
نمت مع الأحجار
وبنيت لها أعشاشا.
صحبة
من هو مجنون كالمطر
من لا يتذكر كالمصباح
من هو فسيح كالباب.
قرابة الأشجار هؤلاء
لا أسأم منهم
لا ينظرون ولا يتحدثون.
استسلام أعمى ليديها
كم تكره هذه المرأة
لكنك ستواعدها،
اترك رأسك يستند برضا
اترك خفقانك يعلو....
الآلات الأخرى ستعمل بطريقتها...
راقب مغتبطا.
انطفاء شاشة إلكترونية
ما يشبه أن تنام وتتأخر عن العمل لفترة
طويلة.
استغراقك في فكرة.
ما يشبه انطفاء شاشة إلكترونية لم تعبث بها الرياح.
ما يشبه (م) بعد أن تمحو أسماءها الألف
التي كتبت.
ما يشبه أن يختفي صديقك في الزحام وأنت في بلد غريب.
البلد الغريب الذي تمرر عليه يدك فلا تلمس منه شيئا
حيث صديقك الوحيد لم يعد وجوده ضروريا.
تقليم
•سيحدثك ثلاثة أيام عن بكائه أمام(super movies)
•فيسوافا شمبوريسكا: الشيخوخة مجرد منقبة أخلاقية مقارنة بحياة القاتل.
•تخطط لكتابة قصيدة جديدة عن تقليم أظافرك:
الإنصات إلى طقات القلامة،
تفحص تاريخ أصابعك، اللمسات الدؤوبة لصوت المبرد
ونثار أضأل من أن يسترعيك
يقيم له تاريخا آخر.
في حالة كهذه
لا أرفع رأسي...
أعبث بمساميري وأؤلف كثبانا أوسع،
لا ينكتني عودك وأصابعك ستنثرني.
بين الفينة والفينة
سأحدث نفسي:
كنت الموسيقى التي كتبت لي،
لكن خطاك الهادئة هنا فوقي لا أتوقعها
ليس لها فجاءة اللذعة،
لا تكفي موتى ينصت واحدهم لطيور تنشب مخالبها
في أجساد الجيران..
كنت تأخذينني بمجرفتك،
تنكتينني بعودك
وتسوينني
تسوين ترابي بتمهل
تتمهلين
ففي صفك يقف: الزمن، النبض، الماء
الماء المستيقظ دوما
كنت الحجر الغائر في مجراه
وخريرا ضالا لا يتبعه.
قلت سأؤلف كتابا لك
لكنني وجدت حيلتي زائفة
ففيها استدراج للكلمات.
..ظللت صامتا
فعلى الأقل، في حالة كهذه
ليس هناك كتاب
هناك صمت يمكن أن تستمرين طويلا في ترقبه
سأصمت.
ولنر من يتحدث أولا.
هل في اللعبة إثارة كافية؟
..أنا لا أتكلم
أعبث بمساميري
وأؤلف كثبانا أوسع.
بعد هذا
بعدما أكلت من شجرتي وشربت مياهي
بعد أن تذهب في الرائحة المرة
بعد حرارة يدك،
بعد استيقاظ امرأة نائمة فيك
وكانت تلعق عصافير صباحك قبل تفتحها،
الآهة بعد استرخائك،
الدمعة في خيط يلتحم بعينيها...
العرفان
..أهذا ما يبحث ليلك عنه؟
بعد هذا
بعد ثيابي اليابسة...
بعدما أكلت من شجرتي وشربت مياهي.
لاكتمال الجملة
دراساتك الطويلة عن الكتاب المقلوب
الذي يشبه امرأة مقلوبة
ستثير الضحك.
أما قراءتك الكاذبة لكف حبيبتك
فقد أبهجت قلبا وحيدا..
اقرأ كفها الأخرى إن استطعت
وقل لها بوضوح أن هذه الخطوط المتعرجة
ليس لها انحناء كاف لتكتمل الجملة
وأنك كذبت عليها
هل تستطيع ذلك الآن..؟
وقد انتهى كل شيء.
في حالة كهذه (2)
أتوقف أمامك بحذر، بلهفة.
أنت لا تعرفين عني شيئا، ولست أعرف شيئا عنك..
لنتوقف هنا قبل أن تحط أصابعي عليك،
قبل أن أستند بيدي
وأمشي.
لا تنصتين ولا أسمعك،
تحدقين في بجسدك كله
ولا تنفتح مني سوى نافذتين ضيقتين.
أقول لك: سئمت.
أكتب السأم طويلا وفي رأسه شمس.
لا تبتسمين ولا تأسرك دعاباتي.
سأحضر مشرطا رهيفا وأقسمك إلى نصفين.
سألمس عوراتك الداخلية كلها،
وسأضع لفافة قماش محل قلبك..
أنظر في جوفك
وأنت تستمرين في النظر إلي
بريئة وناحلة لا تدرين عني.
ألحمك مرة أخرى بالصمغ وأستعيدك ورقة كاملة
أمحو منها ما كتبت قبل أن أستلقي على السرير.
قراءة كتاب جديد
ملل أن تمشي في كتاب
أن تبدأ بكتابة تاريخ اليوم
ثم الموضوع الفاسد: أيامك
وبنفس الآلات
بحروف لم تتآكل من كثرة الاستخدام.
لتمش مرة فوق السطر
ولا تنحرف.
امش فقط واتبعني
قالت لك كلمات ميتة فتبعت أصابعها.
...لكن ملل هذا كله.
لم لا نصنع كتبا تنقصها صور
وعناوين
وفهارس
ومؤلفون.
أطياف
يا أختاه:
الجسد الذي تلتقطين السوس منه
بيد مدربة حقا
لن يعتدل.
إنها أطيافك فحسب هذه التي ترين زاهية حولي.
أطيافك التي تنادين باسمي،
تأخذينها في ذراعيك
تهاتفينها،
وتتقبلين بفرح لا يتوقع هداياها
أما الجسد الذي تلتقطين منه السوس
بيد مدربة حقا
فإنه لن يعتدل.
بقاء الرأس في مكانه
أنت أيتها الأيام الثخينة
التي تبقبق بين الفينة والفينة في رأسي
أين أمشي عليك وأين تترصدينني؟
في المختبئ من الأطفال والحكماء والمجانين
أم في صالة البيت وقناع الأب الذي يناسبني؟
في الشارع الذي لا أنظر فيه؟
أم في صفوف الدرس بعدما أضع قدمي اليمنى في الفخ
وأبدأ بتفحص الدفاتر.
من أنت؟
وأين نارك؟
الجذوة الخفيفة التي تعمل بلا كلل على إبقائك
ثخينة ومتماسكة...
من يواصل جلب العيدان الدقيقة لها
من ينفخ بإتقان ينابيع شهوتك
فترتفعين بحساب دقيق
يضمن استمرار الصداع
وبقاء الرأس في مكانه.
أنت...
أهذا ما تريدين؟
خديعة ناقصة
(1)
ماذا يبصر؟
لم يبعث بسخاء وبصمت؟
ماذا ينتظر؟
ألا يسأم؟
(2)
هنالك يشرب كالأشجار طمأنينته،
ويظل يكاتبنا بهديل لا ينقطع
أليست له سنوات يدخر لها؟
هل يسخر منا ؟
هل يتحدث بهدوء وعلى راحته
كما نفعل حين نكون وحيدين
وراء الباب المغلق
..يتحدث بخفوت وبسحر لا يتكرر
هنالك،
قرب السقف..
أليس غريبا هذا؟
(3)
ليس له مسكن أو آباء
خفيف لا يعرف كم يبدو الصخر وحيدا،
طيلة رحلته يتخلى.
لا يعبث أو يمتثل..
يسير
ويوجد.
(4)
قبل أن تضع يدك على القلب الضاج بالنار
وكي تكتمل خديعته
قل شيئا عن رائحة الضوء لنا
أيها الفراش الحكيم.
(5)
هل كانت تلك خديعته الناقصة:
الضوء ...؟
كائنات البلاط
مثل فلاح يتفقد أرضا
أتفقد دفتري السري الذي أسجل فيه حسابات واسعة
عن أيام تتوالى
كمربع يتبع آخر.
..هذا اللامع أخذ كثيرا من أيام (سليم).
(سليم) الذي جاء من الهند ليدعك سنوات أربع في سطل ضيق
بالصابون
وبكلمات لا نفهمها..
هذا المائل للأخضر كان يخون.
يترك فسحا تعرف الحشرات والديدان والغبار
طريقها الذي لا يتغير
وأعرفه كذلك.
تدريبات للدخول في غرفة
...لا مناص عن هذا:
أغلقت الباب خلفي
لا أعرف أين سأمضي.
..لم أولد في صحراء
لكن لا بد من الاستمرار في التدريبات
على وجود حوائط قاسية، ستائر وشبابيك
تنازعني الهواء والمكان.
هو
إنه لا يتحرك لأنه يحلم كثيرا.
وليظل كل شيء على حاله
يشرد ويتحدث مع أطياف وتصميمات أفكار وطيور جديدة.
التمثال الحاسر عن ذراعيه،
الأسود اليتيم،
قاع المعنى.
أطفال
الأطفال الذين يدفعون العربات البلاستيكية في الطرقات،
يحفرون التراب لملاحقة هواجسهم
ويكتبون ليغتاظ الآخرون.
يملؤون أرواحهم بالفراشات الملونة
الفراشات التي ابتاعها آباءهم
الفراشات الميتة.
وردة
يا حنق الأشجار،
وكراهية الأخضر.
يا شمسا نابتة في الغصن
أقول لك الآية..
... الآية: لا تشتعلي.
لا تشتعلي حين يقترب إليك
الأنف
يقول كراهيتك ويسقيك الأنفاس الفاسدة
لتمتلئين بآنية مرر عليها الصدأ لسانه
وبصق.
أقول لهم: لا ينصت هذا المتلون بالنار، القيح، الزيت الكامن والماء المسنون.
ألم بدايته في دربك
وأقول ابتعدي.
ليلة واحدة
ليلة واحدة هي حياتنا.
حياتنا لليلة واحدة،
من ثم فالمصابيح أهم الأصدقاء.
الظلام هو الخلفية التي لا تتبدل طيلة المشاهد.
في آخر الليل وحين نكون كهولا مجربين
تضاء الأنوار
ونختفي.
إذا عرفنا ذلك
...أي أنه ليست هناك يد ثالثة
تملك هذا الحنو الذي تمسد به شعرك
وأنت تسرب كلماتك الصادقة لروحك.
إن عرفنا ذلك
فهل في الأمر مدعاة للرثاء؟
دون كيشوت
كل ليلة كان صوت ما يقول ل (دون كيشوت):
إن لم تستيقظ هذا الصباح وتهمز (روثينانته) في الطرقات..
وكل مرة كان (دون كيشوت) يصحو قبل أن تكتمل الجملة.
احتمالات
إما أن آلتك الحاسبة لا تعمل
أو أنك دونت الأرقام الخاطئة
أو أنها تراوغك
أو أنك خاسر تماما.
هذه القصيدة مغلقة.
ملصق مكشوط من على جدار
ليس له داع لكنه مازال يجتذب العيون
التي دون أي تعبير
تنظر فيه.
مغيب
عين تغمض
ليس بألم أو بنشوة ...
باستسلام للعتمة والماء.
رغم هذا المشهد البارد
تنفرج ابتسامة ما
لتكون شفقا حنونا.
إنها إشارة سرية لمساكين يتلذذون بالغروب،
سخرية دافئة
أشبه بدماثة الموت التي لا تلبث أن تختفي.
نواقص
سرداب ليزين هذا الوقت
وفانوس كي يخشع.
آنية لهواجسنا الزائدة.
بريد للموتى.
ذكرى تهتز إذا ما هبت رائحة حياة.
أيام نملؤها بمرايا لا تنسى.
ابتهال
تجلدي أيتها الآلات التي تتآكل وتصدأ وتكل.
إنني أتعهدك، أنفخ عليك.
أصك عليك أسناني وأهدهدك.
لا تنقطعي بي في منتصف الطريق.
أمامنا مدن وفواكه وتسكع،
طائرات وموظفون وقوانين غامضة.
شحاذون وإخوة يكبرون.
أمامنا ليال شاحبة نسهرها معا
عزلة وبقية شاي.
تجلدي.
أثناء ركض البطل
معتم وبلا مستقبل.
أجلس أمام التلفزيون أقلب كفي
وشاشات العالم.
أمضي لمشاغلي القريبة جدا
دون أن أنجزها.
الحكم الرابع في مباريات كرة القدم،
ملتقط كرات التنس،
أحد المشاة الذين يشتكون من الصداع ويظهرون في نهاية الفيلم
أثناء ركض البطل.
ملحق:توابع وأشباه
عرض غير خاص
الكيلوت البنفسجي كان مثبتا بتباه على خلفية بيضاء،
فيما الضوء يثير وقار الزجاج بسرية..
ومنضدة صغيرة تحمل في سوق (مكة) الدولي بقية العرض بخشوع
وتناوش أربع عيون تسمرت لخمس عشرة دقيقة في رأسين
يتابعان الحديث عن قطعة فنية احترقت عليهما..
ومع أن الذهاب والمجيء إلى نقطة واحدة
كان يتم بتلوينات متعددة وبانقباضات مفاجئة
فإن أقدام السيدات اللواتي احتسين شرابهن الأسود كثيرا
عرفت أقصر الطرق وأدقها...
تلك المؤدية إلى المدخل
دون نقاشات حول المساحات المتبقية
لاثنين لا يريدان أن يبدأ عرضهما مبكرا أو محترقا.
توضيح
حتى لا ترتسم تلك الابتسامة الصغيرة الساخرة على وجهه..
لم يكن ينظر إلى محدثه،
السخرية التي يتحاشى أن تمد سائلها الدبق والكثيف على الآخرين
لم تكن تطرق أبوابهم..
وحين سيبتعدون بقفزات سريعة وقد اندلق على قماشهم الأبيض ذلك اللسان القذر للابتسامة
لن يجري وراءهم، لن تتبدل هيئته ولن يقوى على أن يستوقفهم
لتوضيح خلل المشهد الداخلي الذي تنفلت خيوطه أحيانا
بعدما تلتقي العينان...
السائل المر والكريه كان سخرية يوجهها نحو ذاته...
لكنه لم يعد يقوى على التوضيح.
إن أردت
أعرف ذلك المكان جيدا، وسآخذك إليه إن أردت.
لو تسألني سأدلك عليه كفندق،
إن دللتك لا بد وأن تدخله،
إن دخلته لن يسمح لك بالخروج.
ستبيع الأقمشة هناك إن أردت
وقد تسنح لك الفرصة في جناح ملكي ليوم واحد،
أما بقية الأيام فسيتقاسم المكان معك: أمهات وأطفال وآباء وإخوة.
حين تستدين مبلغا تافها لأول مرة
قد لا تكون تجارتك بارت تماما..
لهذا ستستمر في الاستدانة ونقر الضياء القليل المتسلل من عينيك، الصلاة والكذب والشكوى من رطوبة الهواء ودناءة الأشجار.
ستصادق آخرين يتأففون في أوراق يخبئونها عن الأعين
وستتبادل وإياهم مناورات لا يمكن أن تنتهي.
الذين ينصبون الشراك للطيور الداجنة سيستمتعون بانشداهك وأنت تراقبهم،
فيما ستملك قدماك مهارات جديدة في الإغماض
وسبر السطوح الرخوة للغاية.
الجزيرة – 2003
لأنني لست واثقا مما يلي ذلك ظللت أتابعها باستغراق
وهي تفتح شفتيها المحددتين،
ما يلي ذلك لست متأكدا منه فالتخمين ليس سهلا..
رغم بساطة الفعل:
انفتاح عضلتين ملونتين..
لكنما ليست وحدها الفقاعة الطفيفة
التي تبدو على الشاشة هي النادرة..
الحماس والحيوية اللذان يفيضان من الوجه حين تنفتح الشفتان،
العينان المتوثبتان يشعلهما توق وحيد كما أتوقع...
..المشهد كله حين ينقض على عيني بعنف،
الشفتان اللتان انفتحتا الآن عن أسنان لا تخفي ابتسامة مكتملة
تكاد أن تفصحا عن آهة فادحة ولعينة.
ولأنني لست متأكدا مما يوجد أسفل الطاولة التي تخفي الساقين
ستأتي الشياطين بمداعبات داعرة، بدغدغات آسرة تدفع بالشفتين إلى أن تنفتحا دوما
على تلك الصورة...
ولأنني لست واثقا مما يلي ذلك
فقد ظللت أرقب تلك الشياطين
إلى أن تغيب حين يجلس (جميل عازر) جانبيا على الطاولة
وهو يتخلى عن مسؤولية ماحدث.
يدير ظهره قليلا لنعترف له بذلك
وهو يكرر بازدراء: انظروا...
وبالفعل فقد لاحظنا معه
أن الشياطين التي نحب اشتغالاتهم في مذيعات (الجزيرة)
ليسوا موجودين.
سيحضر كهول عابسون يديرون المصارف
وهم يصنعون تماثيل من معادن لامعة وعظام فتيات نحيلات..
أما (جميل) وهو يقذف بالأخبار السيئة بعد أن يتنحى جانبا
فلن يهمه أن نلكز بعضنا (أنا ويوسف)
ونحن نضحك على خجله حين يفعل كهل مثله أشياء كهذه...
إننا نقدر ذلك يا(جميل) ونتفهمه
لا عليك.
قسمة
بعدما نخزه في ظهره كان الرأس المتدحرج في متناول صغار
أرادوا شيه قبل أن تنهرهم الأم الحكيمة التي ستتولى الأمر.
الجسد الذي هاجمه ضبع وحيد استدل على رائحة الدم
تناوشه كثيرون بسكاكينهم المبتسمة.
الضبع وبعدما تبرز على الجسد ليبعد هؤلاء المهرة الذين واصلوا سلخ الجلد. غمس أنفه في الدم..
قبل أن يتعفف ويغيب .
هم تنازعوا الفخذين والذراعين قبل أن يقترعوا عليهما،
الأحشاء وهي عادة خارج القرعة انتزعتها أصابع نهمة
كانت تعصر الأمعاء بخفة وتطويها في لفائف رائعة وصغيرة.
المشاحنات انخفض منسوبها لوجود عضوين متشابهين على الأغلب.
ذهبت الضلوع والفقرات والرئتان والكليتان جزءا من عملية قسمة دقيقة وسريعة لم تسبب الكثير من الفوضى.
عدا بقعة الدم الداكنة ليس للقسمة باق أو ذعر أو رائحة.
الذي ينظر ويبتسم
ليس ضروريا لمن ينظر ويبتسم أن يكون من العارفين.
الابتسامة ليست تأكيدا لتحقق التوقع دائما.
العينان المحايدتان تملكان تعبيرا مقلوبا يرى من الداخل.
الذي ينظر إلى خزانة، إلى حقيبة سفر، إلى آنية مطبخ باردة،
إلى صور قديمة أو آتية
..إلى قامات تمشي بوضوح هناك في مغاور الرأس:
ينظر ويبتسم.
معتذرا ممن يرقب المشهد في خفاء
داعيا إياه أن يشاركه الوليمة،
متواطئا-مرة أخرى –مع القماش والمعدن والورق والصفعات.
ربما كان يبتسم لأنه أراد من المرآة التي في جوفه
أن تنصت وتبكي، أن تراه ودودا..
سائل حنان فضي أو لمعة وميض.
قبل أن يغلق الحقيبة ويغمض عينيه أرادها أن تمسد على رأسه،
قبل أن ينتف الورقة الخضراء الصغيرة
من جديد.. (فاسدة).
كم مرة نظر وكم مرة ابتسم؟
كم مرة حدق
وكم نأى؟
كم مرة اجتمعت الابتسامة مع النظر
سوى في لحظات كهذه
وهو يجمعهما معا في مرآة حزينة
ولا يغادر.
لمرة واحدة
بعد أن أوصيه بالهدوء وأن يؤدي دوره بإتقان
كنت أتركه يتحدث مع أصدقائي
.. قبل أن أغلق الباب أسأله: ألم نتفق على الثمن؟
فيهز رأسه مطمئنا لتزداد أخشابي رسوخا.
يحل محلي في العمل دون أن يلحظ أحد شيئا..
يتعجب من رغبتي في هذا الجزء بالذات:
هل هو ضروري؟
-إنه العقد.
يحتضن حبيبتي ويهاتفها.. وبإلحاح يسألني:
قل شيئا عن النسوة الأخريات...
يقود سيارتي دون أن يلتفت كثيرا،
ينصت لأصواته المتنافرة وهي تروح وتأتي..
ينام في سريري دون أن يحلم..
ويتحدث بصوتي.
مرة قلت له أن سخريته الصاخبة هذه لا تعجبني:
لتتوقف ولنعد للمشهد منذ بدايته.
وكان يرى أن إضافاته الصغيرة يحبها الجميع..
.. هززت رأسي لمرة واحدة.
فهرس
كفاف
أمتعة
أفكار قديمة
صحبة
استسلام أعمى ليديها
انطفاء شاشة الكترونية
تقليم
في حالة كهذه
بعد هذا
لاكتمال الجملة
في حالة كهذه ( 2)
قراءة كتاب جديد
أطياف
بقاء الرأس في مكانه
خديعة ناقصة
كائنات البلاط
تدريبات للدخول في غرفة
هو
أطفال
وردة
ليلة واحدة
إذا عرفنا ذلك
دون كيشوت
احتمالات
مغيب
نواقص
ابتهال
أثناء ركض البطل
ملحق : توابع واشباه
-عرض غير خاص
-توضيح
-إن أردت
-الجزيرة 2003
-قسمة
-الذي ينظر ويبتسم
-لمرة واحدة
* إشارة :كتبت النصوص بين أعوام 2000- 2004 م
حضن ثالث
إلى (مصلحة عبدالله) :
حضني ..وأيامي.
أنثى لنهاية الشارع
مقلع وجد
تنامين
أنثى لنهاية الشارع
صورة بحجم الكف
بجوار شمعة لا تشتعل
سيناريو- لقاء
حساب
كنت أريدك
مقلع وجد
أشربك
أصابعك الشاخصة نسائي
وأظل طريدك
.. تلك الشاخصة
شواهد حيث سأدفن أطفالي..
أشربك
فتحترق الأعشاب:
يتاماي،
مصائر غيم ضل...
أصابعك
..وصوتك مقلع ماء الوجد .
تنامين
تنامين فآخذ وجدي فأسا
أقصد غابات لا أعلم كيف تسلل دمها لي.
أحتطب أصابع.. ألوانا،
أقواسا لسماوات
حيث تظنين الغيم.
وحين ينام الليل
وصدري يمتلئ ترابا
أرقب وجهك،
عينيك المغمضتين،
الأحلام تكاد تفيض..
أكوم حطبي،
أشعل فيه النار
لتتدفأ.. أحلامك.
أنثى لنهاية الشارع
أصنع صوتك
كصرير خافت للباب الألمونيوم.
تتسرب منه الروح هواء محروقا.
كحفيف ثياب خطرت في عتمة غرف عارية
كالرؤيا..
ضجة مذعورين
وفرح وحيد
يخرج لمدينة أسماك ميتة – قبل العصر-
وصوتك مكتمل..
الوجه أسيل
الجبهة قلعة نسرين جريحين
وكفك...
بالمشي سأكمل عينيك.
صورة بحجم الكف
1-الظل على جفنيك :
ماء ضحلٌ
...بالكاد علامة تحذير.
2-شجيرة كرز :
شجيرة الكرز (التي مارأيت)
كفك
بأظافر ينبت فيها الأحمر.
3-جينز :
حين ترتدين يكون (الجينز) فصيلة أشجار.
4-شفتاك:
بابتسامتهما الخجلى،
باللون الحزين الذي ينام فوقهما
حكايتان طويلتان
لم أنته من قراءتهما منذ ذلك العام.
5-جينز:
حقل تمارين الغيم،
الساحل الغامق،
الشجرة التي تثمر المحار والأسماك
الشجرة التي ترتدين.
بجوار شمعة لا تشتعل
ستكون هنالك أوقات تكفي للتوق..
تنشق رائحة حنين يأتي،
للحرقة
وهي تسيل ببطء
بين مضايقها نحو الوهدة؛
وفي تلك الأثناء ستحتاج لأوقات أخرى
كي تستكمل.
..لن أسهم هذي المرة
أو أترك روحي تذهب
كي تفلي أيامي
تضعك أغصانا حانية،
تنزعك
(كما هي مازالت أوراقك
.. الورقة قلب مفتوح
لا يتألم
لا ينتظر أصابع
ينظر
يسفح أخضره في العينين
ولا يستنفد)
ستكون هنالك أوقات تكفي للنظر..
الآن سأكتب اسمك
سأجمع أفكاري
تلك الصخرات اللاتي…
(في أية ليل سقطت؟)
يتفلت بعض منها
ثم ستقعي قرب اسمك
وأنا –المذعور– سأضع على كتفيك ذراعي
وسأبتل.
سيناريو- لقاء
(1)
•أقرب من خاطرتين
تمدان على الطاولة -بحذر كيلا تنسكب القهوة-
أجنحة أربعة تتعانق
كل يد تهب إلى الأخرى معجمها
أقصر..
•أقرب من خاطرتين تبادلتا فوق الطاولة العابرة
معاجم أيامهما.
•أعلم أن ذراعيك نحيلين
وروحك رائحة ملاك
• إذ نصمت
وذراعك فوق ذراعي نعرف هذا.
كله.
(2)
•عيناك الطيبتان
العصفوران الورعان يبلل ريشهما الماء
فينتفضان قليلا
قولي لهما أن طيرا
…أو لم يختار العصفوران أعالي البيت المتهدم زاوية للعش؟
•لا تبكي…
حياتي قطرات لونها الأسود
تنحدر
وهذا الوقت
لمنديل ورقي
كان يلم نزيف النبع المالح.
•ماذا كنت تقولين لأسراب عصافيرك وملائكتك
إذ أقف أمامك مكشوفا وكأن العالم كان يراني؟
كنت قبالتك على كرسيي كقميص مقلوب
لا أسألك
ولا أسأل أحدا.
•أجد الجنة إذ أدلف لهما
هاتين العينين الضيقتين.
(3)
ابتعدي أكثر
ليمرغ هذا الضوء سهاما حانية
فوق الكثبان الرطبة والممتلئة بهواء ناقص
وحياة لم ننقضها
ابتعدي.
هل يتبين لك آت
يحمل رأسا مائلة وقنان فارغة تشبه أفكارا؟
…يقترب كثيرا؟
ابتسمي ودعيه
…ألا يتبين لك؟
هذا ما كان يريد
لنتحدث…
حساب
وبماذا تتذكرك الآن…؟
أتغوي تركتك البائرة حنينا أو عينين…
أتشعل مصباحا في صحراء ستصل إلى قلب حالك
قلّب أوراقك
كنت دسست (أحبك) في راحتها
ثم سحبت يديك سريعا
ونسيت حياتك وردا مغموسا في ماء الطاولة.
كأن حقيبة يدك تغادر في سيارة غرباء
كأن طفولتك تداعب رأسا يستغرق في طرقات ضيقة تتشعب:
تتذكرك بماذا الآن…؟
كنت أريدك
كنت أريدك ساحرة
تتخذ عصاها من جسدي.
تأخذني جمرا في مبخرة واسعة
ترمي فيها طيرا حيا (الهدهد أو ما شاءت)
فهناك:
ستملأ أنفي رائحة الريش…
يكش سريعا كنضارة ألوان نصطبغ بها…
العينان الجاحظتان،
اللحم المحترق...
يذكرك بماذا؟
جسدي الهامد (الأحمر مكسوا بالفضة)
يتسع لغيمات وثلاث سنين..
لمخيلة سترى الأشياء من الأعلى
حين ينز قليلا دمه الأسود..
دمه الأسود:
سيكون سماوات حانية..
تأريخا لعواصف ولقيمات كان يهبها أنثى…
عشا
يكفي ليحدق منه على هيئة فقاعات طيف حقيقتنا
كنت أريدك
...
لامست حجارتك،
لعقت ترابك وشربتك
فلماذا تمتنعين؟
خذي رأسي بالله عليك..
أكوم شعري الخشن على حجرك
ولتجدي من بين معاجمك كتابا يأخذني..
لم تمتنعين..؟
هنالك صحراء ستتسع لخيبتنا..
(فكيني)
مادامت لم تأت إلى الآن ثعابينك فلتلقيني عنك بعيدا…
حبة رمل أو عقرب أو لحظات تلبث في قلب حصاة…
ارمي بعيدا بي
أو ارمي فراشات أخرى في مبخرتك..
ارمي
عواطف فاسدة
وملابس فتيات للتو انتزعت منهن،
هواجس جيراني..
وهواء يشبه ما يزفر شارعنا..
هيئات الأحلام
ونافذتي…
شدي حين تلفين حبال الصوف على جسدي
والقي قبيل مغيب بتميمتك إلى البحر
سيرتفع الماء ومن ثم سيهمد
لا أكثر..
هل تحتاج الساحرة لأكثر من هذا…
كنت
سأستأنف فيك حياتي.
شجر عار
بين ليل وآخر
حياة
أحلام
شجر عار
كل صباح
رسالة
وحيد
بين ليل وآخر
…أمهاتي البعيدات
هن.
يجئن بأغصانهن التي يبست
بحكاياتهن
وينخزنني بين ليل وآخر
ليست لأسمائهن ظلال
وليس الحنان بساتين مصرورة في ملاءاتهن.
يجئن
لئلا يكون الخلاء سميكا
عند رأسي يجلسن
يشبهن بعضا
يمسدن شعري،
يُطرقن.
فيما ستملأ أنفاسهن منامي.
حياة
الباب المغلق إيحاء كاف،
مصباح الغرفة: عنوان استدراج مطفأ.
مع ذلك لم يأتين..
نساؤك.
لا معنى للحيطة.. هيا اخرجن
تقدمن
بعطر خافت وأساور لا تلمع
بعيون بيضاء تقول،
بأصداف تنكشف
تعالين..
سيلمس أطرافا باردة ونتوءات لا تلتئم
ولن يتكلم،
سيكون عظاما حانية تصلح للسكنى
فالبرد ثقيل إذ يطأ هلامات خائفة
البرد ثقيل.
أحلام
أحلامي لا أتذكرها
أدفنها في نسيان
ليس كما يجب خؤونا
لولا ذلك: أي طيور ماتت في حلقي
تاركة ما يستقبل خطو الغد
شجر كراهية..
أو شبه رسائل ساخرة تبعثها الجثث إلى العالم:
كم نبغضك.
شجر عار
الأوراق المصفرة تنصت للخطو وتدنو،
خصلات من شعر امرأة
ستخشخش بحنان فوق رصيف يسأم.
خصلات من شعر امرأة
فاضت بالرحمة
تلك الأوراق المصفرة.
الفرع الصاعد في الأعلى
لم يكسره الأرق..
الأوراق الخضراء:
الليل الساهم
..ظل يقص لها شمسا لا تنفد
-يكرج في الريح صداها الآن–
لحاء الساق سيشرد سنوات
حتى يتشقق
-لن ينتبه له أحد–
أما الشجر العاري فسيسرق مخلوقات الشارع؛
الميت تسكن موسيقاه
عيونا مستعجلة للسابلة..
كأن الأبد يعود
..وحيد يصعد بين بيوت ماتت
ويصفر لحنا يشبه خشخشة الأوراق المصفرة
فوق رصيف
يسأم.
كل صباح
كل يد تشطف لوعتها،
كل رياح،
كل امرأة أتبعها
فيما يشخب..
دمها..
أحلامي.
منتثرا،
أشبه ذكرى أمنية ماتت
أترَصَّدُ
لا نافذة كي أستبق خطاها
لا ليل لأشعل شمعة بابي
...حين سينفد هذا الرمل
بماذا أكسو الأشباح الهائمة-ذراري البلل؟
الذعر:
الاستيقاظ على جلبة
أولى شجرات المعدن في الخارج..
شمس ونهار أطول من نظرة أعمى.
رسالة
بالطبع صفاقات نشترك بها
تجعلني أكتب ل(عمر بو قاسم )
ليلاً
لا تتحرك فيه نوافذ،
لا تومئ طرق..
ليل كبقية صحن عشاء..
ضحل تكفي ذرات غبار وثلاث بعوضات كي تؤنسه.
باطمئنان أكتب هذا الليل التافه
كتجاربنا المكسورة..
أصلحناها بغراء (من تايوان)
رفعناها في أركان الغرف وأسندناها بعيون شاخصة..
وكما تعرف..
ينفك الصمغ
أتعلم؟
هو هذا ما يمكن أن أتركه
يجلس فوق رصيف يتسع لنصف الصفحة
…هذا الخاشع
ذو الساعات الخاملة
استمع لنا
خذه فقد فاض.
وحيد
إلى عبد الله التعزي
•الحجرات الخالية تنام على صحراء،
تستيقظ في بيت ضيق .
•الحجرات اللائي لم تطرق
ليست أسرارا.
•الرائحة غبار لعراك النسيان
..الجدران لها ذاكرة ويدان.
•الرائحة بلاد نتركها تنسل
ونحن نعد حقائبنا.
شمس تملؤها العتمة بالأنفاس.
•غرف الفندق ليس لها رائحة
منفى أو سجن يفتح للتو.
•الريشة لا تنصت للريح
تتحدث…
قال العصفور.
دقائق الرسالة وأجنحتها
دقائق الرسالة وأجنحتها
قصيدة حب
جملة واحدة هي كل ما لدي
وهجك
يا أمي يا حبيبتي وأخاديدي
الذي يجعلك كذلك
كي تكون في مجال النظر
وأنت تسيرين
بعد 20 محاولة للقياس الدقيق
أناة الخائف
أناة الخائف التي لا تنكشف
ليس من رسائل جديدة
كرسي الساعة 11- مقهى (رينديفو )
قراءة مملوءة بالشواهد
دقائق الرسالة وأجنحتها
لحظتها ونحن ندفع أقلامنا بخفة في الورقة كي نلجها، ولجنا الجنة.. واستنشقنا شجرها معا.
هو الشجر الذي نمر عليه الآن ونداعبه كذكرى بمياهنا الميتة،
هو ذاته الذي يطفر أحيانا من عيوننا،
من عيون كائنات ولجت ذات الجنة ونظرت ذات الجهة.
حيث (الواو) حضن شخص ثالث،
النقطة كوكب تشمله الورقة
وتلتقطه ثلاث أصابع.
أما (الميم) فهو كون لممناه في أحضاننا واختبأنا به عن العيون.
هي رسائل منحتني حياة شاسعة الظلال في دقائق وأجنحة.
..اللحظة التي تذوقنا ترابها وأجنحتها
والتي ملأت عيوننا بغبار الفردوس
ما من سبيل إلى وصفها.
قصيدة حب
ولدت من عينيك.
شفتاك نفختا الرماد
وأصابعك لملمت حصاي.
جملة واحدة هي كل ما لدي
حيثما تذهب عيناك،
حيثما تتوقف.
حيثما تجس وتتحسس، تفتش..
حيثما ترششين ضوعهما على سأم العالم
حيثما ترسلين نداءهما الخفيف...
على الجمادات ومناظر الطبيعة الصامتة
على قلق التجريد وبذاءة الوحشية
حيثما تتوقف موجة وحيدة لا شبيه لها
لبرهة.
البرهة تكفي للانخطاف،
للحظة المديدة التي أولد فيها وأشب وأشيخ وأدفن.
وهجك...
آخذ دقائقك الذهبية الرقيقة وأندس فيها،
أختبئ وأمحي،
أتيه.
شوارعك الناحلة يملؤها الشجر،
بحارك الصغيرة وأسماكك الملونة تتقافز في صدري.
مدن من الحلوى، من الثلج، من أعشاب تطفح إلى قدمي.
امرأة تأخذني إلى حجرها وتحز عنقي
فأبتسم ودمي يشخب على الرصيف،
أبتسم وعيني تتسمران،
أبتسم وفمي نصف مفتوح.
...
...
...
...
كل هذا في دقيقة صغيرة التقطتها منك،
من هالة شاسعة تحلق حول كلماتك
وتنفجر في صدري.
كل هذا في البرهة
فوق سطح كوب الماء الذي تشربين منه
وأشرب بعدك:
تترقرقين
ولا ينطفئ جحيمي.
...
...
دقائقك الذهبية أنتزعها كما أنتزع سنا
أو أقشر ثمرة (مانجو)،
أحتطب أصابعي
أو أفض غلاف رسالة تسكنها آلاف الطيور.
يا أمي يا حبيبتي وأخاديدي
يا أمي:
أتلفني الليل وأفسدتني أذني،
الهواء صنع أخاديده،
الأصدقاء سخروا من حدائقي الطينية ومزقوها
لم يعد فيّ ما يحدق.
هاتي كفيك لأضع بها أيامي حفنة رمل
هاتي أيامي...
هاتي كفيك وأعدك بأني سأكون أمينا وسأضع بها أيامي:
الريش والجذور والصدأ والدم
كل شيء سيكون كحفنة رمل ننفخها
ننفخها معا.
هاتيها.
الذي يجعلك كذلك
أليفة إلى حد أنني أبدو قبيحا أمامك، أحرص أحيانا على ذلك.
أليفة إلى حد يجاوز الزنجي الذي يسكنني.
أليفة إلى سوادي، إلى القيعان والمهاوي
أليفة إلى حد أنني أكون وحدي معك.
هل أنت الشفافة.. تحيطين بي
أم الداكنة الفسيحة حيث أغوص ولا أرتفع أبدا
هل أنا ضوء أم حجر؟
هل هناك أنت، هل تبقى مني شيء؟
هل وُجدتِ؟
كي تكون في مجال النظر
النخلة من أجلك تتنفس هواء الأعالي
كي تكون في مجال النظر.
الطيور تحلق كي تسنح لالتفاتتك،
الشرفات ابتكرتها اللهفة،
الشبابيك اسم من أسماء الشوق،
السماء تكون صافية لأن الأزرق يريد أن يلتحفك،
الشمس لا تفارق سماءنا لأنها تعبير أكيد عن الدهشة،
النسور تقليد لانحناءة حاجبيك،
الصحراء الكثيفة كلمات لم تكتمل
وهي تحاول وصفك،
الطرقات: ليحفك حين تسيرين الناس،
والمدن فكر بها قائد قديم كان يتساءل:
هل ينبت البشر؟
المطر نزل بك إلى الأرض.
هبطت قطرة
ومشيت بيننا.
وأنت تسيرين
الأقواس، القباب، الدوائر، الخيوط النحيلة، الثلمات، الجداول، القمر، الخلجان، البحيرات، الجناحان، الليل، الموسيقى،
الفجر الذي يتسلل، الشفق الذي ينوح،
الضوع، الضوء، الحرير، التموج، الرمادي،
البهجة.
اكتشفناها بمراقبتك وأنت تسيرين.
بعد 20 محاولة للقياس الدقيق
أؤجل للمرة التالية أسئلة من نوع:
كم جرعة تلزمني لأمتلئ،
كم جنة بين يدي،
كم ليلة يمكن أن أنام دون أن يوقظني سرطانها الأخضر والمليء بالسكر.
كم ليلة يمكن أن تنفجر كليال أخرى لم يسمع بها سوانا
ونحن نتقدم ضاحكين نحو صباح في منتصف اليوم.
كم بحرا يمكن أن أعبر دون بلل
وكم بحرا يمكن أن يترقرق في عينيك..؟
في عينيك
ونحن نطل معا، ونصل سوية في ذات المشهد.
2
أحبك لأنك لست بحاجة للاكتمال
مكتملة كما هي طفلة.
3
إلامَ كنت تحدقين،
لم تنفرج شفتاك (شاطئ النار ونافذة الذهب)
نحو ماذا كنت تسرحين بعينيك؟ ولمَ..
لتلونين الهواء
بعد أن تطلق الجدران تنهيدة حبيسة وسرية نبتسم منها معا.
4
لا.. لن أستيقظ.
لا أرغب في عمل وأصدقاء وأطفال،
لا أرغب في المشي ولا في قدمي.
الحلم: قارات جديدة يطفو جليدها على ورق الأطلس
وقد أطفأت مفاتيحه..
لا شأن لي بالسفر وروائح الشوارع الجديدة.
العتبة التي لا ترين على باب غرفتك،
الحجر القديم الذي لمسته،
النقطة التي وضعتها بلا تخطيط أثناء كتابتك..
هذه النقطة التي التصقت بك
كنتها.
ثم.. حدث ما حدث كما تعلمين.
أناة الخائف
أخاف أسئلتي
وأخاف ساقيّ.
في شرودك أخشى ألا تجديني.
أخاف خروجي من خواطرك المتشابكة دون أن أجد بابا للعودة.
هل تنصتين لوجيبي الخافت؟
هل تنصتين له وهو يكرر:
الطيور تعيد نداءات الرحيل،
الأحمر الذي يهتف بفصاحة،
الأسود العميق وهو يتنهد بوضوح..
هذا ما يجعل النباتات التي تتسلق أحلامي
تصبح ديدانا صغيرة تلتهمني ببطء.
تطمئنينني: لا ضرر من طفيليات صغيرة تنمو على كتف مواعيدنا،
تغمزين الجملة وتبتسمين..
أبتسم.
وأخاف.
أخاف صوتك حين يفتت كالموج صلابة اليابسة ثم ينسحب،
...ماذا يريد؟
لم يكرر أغنياته وهدهداته...
أجهلك
كما تجهل ورقة صغيرة رصيفا تحط بها حسابات الريح فوقه
وأعرفك كما أعرف يوما مضى.
تقودني إليك العلامات
ويأخذني منك الدليل.
أتيه..
لأنني لا أعرف طريقة للمشي
ولا أرغب في تعلم ذلك .
فرع شجرة سعيد يطفو على محيط،
يخاف الوصول
كما أخاف أسئلتي.
(2)
أرأيتِ...؟
ظللت أدفن راحتي في أماكن عديدة
لتجديها وأنت تعبثين.
ظللت أربي ممالك الصدأ على جسدي لتكشطيها
ظللت يابسا كيلا ينفد مني الجمر في ليل بارد
حين نكون وحيدين.
أرأيتني مضطربا وضائعا
مخزن تتراكم فيه القصص والقصاصات والأشياء التي لا أستخدمها
قد تسألين يوما عن: قارورة قديمة
أو رسالة من سطرين
ستكون لدي
كما هي كلماتك وآثار أصابعك
كما هو عطرك، غضبك، حنينك
سأمك مني.
ولأني لا أملك ممحاة تمنحني النسيان ولا فهارس لنبض أضبطه على يديك
كنت أقول لك:
الزمن كائن يتخلق من أطيافك،
الأمكنة لا تكترثي بها
إنها حجج واهية ألتقيك خلالها.
أناة الخائـف التي لا تنكشف
أخاف أن تسهم بعيدا عني
أخاف أن تبتسم في ذهنها خاطرة مسمومة،
أخاف أن تنسى
وأخاف حياتها.
أخاف أن تخاف وترتعد وهي بعيدة عني،
ألا أجدها حين أبحث عنها وهي خائفة،
أن يكون الخوف بئرا عميقة وواسعة نتيه فيها،
أخاف أن نتبادل الأماكن دوما فلا نلتقي.
أخاف أن نكون فكرة
أخاف أن تكون فكرة.
أخاف أن يذبل عشبها
أخاف أن ينقط جلدي الصدأ وأكل.
أخاف الهواء الذي يحرك شعرها الطويل.. ما الذي يقول؟
... هذه السطور التي ترتعد قلتها لها بأناة واشتغال
فقد خفت أن أكتب لها بانكشاف:
أخافك كأبي وأخشاك كأمي.
ليس من رسائل جديدة
ليس من رسائل جديدة وليس من ندم.
أيها العابر تمهل، أيها الطفل الذي يحب مشاهدة أفلام السينما،
أيها الشجر الذي لا يكف عن الصعود
تمهل..
الحب تتوسد شمسه الشاحبة قلق الموج،
الأسماك تهرب أرواحها إلى مكان آخر،
القارب الذي يقوده ساعد نحيل
لا يعد بمشاهد كبيرة.
***
ماذا بقي وماذا تبخر؟
ماذا اختفى في السراديب العميقة التي تحيك فيها أفكارك
كثياب لا تناسب القياس أبدا.
***
هذا النهار الحار يجعل كل شيء ينز عرقا:
الحوائط، العربات، أجهزة التلفزيون وجلد جبهتي.
النهار الفاتر الذي تتتابع ساعاته بشغف لا يفسر.
كيف لك أن تحدثه عنها وتقول له ببساطة:
انسلختُ منها فجأة
لأن صوتها بدا باردا.
***
الورد والأغنيات، الكلمات التي كانت تأتي على شفتيك بلا تقصد
أين ذهبت؟
هاأنت تعود إلى أوراقك
بعدما انفجرت آخر فقاعات الهواء
وخمدت في فتور الطين وقساوة القاع.
ولتختبر مدى الهوة العميقة التي تفصلك
عن منابت الماء
ترمي حجرا
وآخر
..لا يصلك صوت الارتطام البعيد
ولا يعود صوتك.
كرسي الساعة 11 – مقهى (رينديفو)
صوتك يأتي.
يقترب ويعبث في مياه لا تنتهي.
صوتك الناحل، العميق، الذي لا يتردد:
ينغرس بثبات كنبات صحراوي.
ما يقوله ليس مهما.. النبرة تكفي:
الاتساع الذي يجمع النجوم، الحصى، الأرق، البساتين، ملوحة البحر.
لا يقول شيئا لكنه ينغرس في العمق، يدفع بالأنسجة الرقيقة وينغرز.
أكتب عن صوتك بهذه الطريقة
لأن ليس هنالك الكثير غير موسيقى ضاجة في مقهى الساعة 11.
***
لو أنصتُّ لك.
لوعودك التي ما قلت
لو لمست ظلالك،
الرذاذ الذي يصلني من كلماتك،
الجغرافيا الدقيقة التي ترسمين خرائطها على أثير دافئ.
لو اندفعت وقبضت على قوس قزح
حين تقولين (الخبز) أو (الوردة) مثلا..
كل هذا يفوتني كل مرة تترقرقين فيها،
لأن الفجأة تأخذني دائماً
حين تتنكر في صوتك النحيل وهو يندفع،
لا يتسلل ولا يبتكر حيلا
ينغرس بثبات كعصا في كثيب.
***
سعف النخلة يرقص بلا اكتراث في ظهيرة الشارع،
العلم ينتصب بخيلاء تدعو للضحك،
عامل البناء في (السطح) وهو يدعك أيامه أمام الملأ،
حارس البوابة حين تحشو الرتابة جواربه وقميصه،
السيارات العابرة بلا أمل،
الطيور والشجر المهذب تتواجد لإكمال المشهد.
اختاري واحدا من هذه السطور ليعبر عني.. اللحظة.
حيث تبتعدين
ولا يقترب مني سوى هذا السأم
بأصوات عالية جدا
بموسيقى ضاجة تصلني كحراب لم تختر طريدتها.
قراءة مملوءة بالشواهد
قراءة ميتة ستكشف كم كان ينبغي ألا ننظر بعيدا،
أن نتحسس الأماكن التي نخطوها.. لأن العينين تطيش
كما تفعل يد تتلمس قطعة ذهبية ملقاة في قاع الماء.
كما يطيش الموج ويثرثر دون دعوة مع شواطئ قاسية.
كان يمكننا المكوث الطويل كصخور عالقة في سفح،
لا تعلم متى تنطلق وتهرول.
..في خطفة كان عناقنا الحياة الوحيدة الممكنة
حيث حرية الهوة الفسيحة كانت أكثر منا جرأة
وقتلتنا.
...
القراءة التي ستتجاوز ذلك يلزمها جنون الجبل حين يؤوي إليه الطيور والأعشاب والينابيع.
تلزمها الدقائق والأجنحة،
اللحظة وهي تشق طعمها اللاذع والمسكر
في ساعات النهار والجسد.
ولـه
•أقصد حين أقول لها: الصفحة المقابلة
أنني أنتظرها في الشارع المقابل
وقد تعثرت في اسمها مرارا.
أقصد ذلك وهي التي تطوي صفحاتي بعناية دون أن تبدل شيئا...
سوى ما يرتبك بين أصابعها
حين يقترحها كتابي تفسيرا وحيدا.
•...بالوله الذي يفكك كلماتي عرفتك
وبمشيتك وأنت خارجة مع بنات (الكلية)
تحاذين في الظهيرة حفيف الأمل،
تأخذينني.
•يقصد الوله الذي جعل للشجرة كل هذه الفروع.
حين يراها احتمالات يصعد أخضرها إلى حرائق تشبهك.
وأنت...
أنت تجعلينه لسان الشمعة الذي يقص للهواء...
الوله.
يقصه أشرطة ملونة وروحاً.
الروح التي تلهو مع قناص كنيته الزمن
اقتنصت ريشها منه.
من الوله – ولهه.
رقصت من ولهك.
لكِ
كانت تنزع وتنتزع.
•هو: الوله الذي قفز من عيني شيطانًا عارياً واستند على كتفي
في وقوفي
بانتظار
صوتك.
الوله
يصعد ولا يتسرب،
يملأ الصدر بالأقمار الساخنة ولا يذوب.
•ولهك أنت.. هذا.
•في صمتك غرفتان وموسيقى،
في كلماتك...
كلماتك.
..بلا أبواب أو مساكن لكنها تتسع لاحتضان مديد.
تحتضنينني مع طيور ونخيل.. فأنام.
..أنام في كلماتك التي بلا أبواب أو مساكن.
•حضورك شوق أبيض
وليس غيابك ما يشحذ الوله..
حضورك يستصرخه كذلك.
•وأنتَ...
أيها الغريب الذي يسقي بحنان هذه النباتات..
يعالجها بيديه في مستشفى يؤمه مجذوبون وحكيمات وملاك واحد.
أنتَ من يسمي النباتات بأسماء حبيبات هجرنه وأطفال ينتظرون..
الذي يسقي الليمون بعينين مغمضتين وتجعله (الفلة) الصغيرة يابسا..
أنتَ بالثوب الأبيض والشعر الذي لم يشذب
وقد انحنيت على
(غاردينيا) أدهشك ثراؤها..
أنتَ
وقد فضحك الوله في سؤال عابر:
ما الذي جاء بك هنا؟
أنتَ
وقد أكل الذئب رأسك
لم تخبرهم أن لم يتبق سوى قدمين تبعتا دبيب الوله لتكتملا.
•أريدك شجرة الماء التي بلا جذور،
ثمرة الوله وقد تكررت آلاف السنوات في نبضي..
أريد جسدك ويديك، حزنك ومائدتك..
أريد فمك وخطواتك التي تقرع الممرات وتستيقظ منها جماداتي.
•كن حادا لتسلب المزيد،
غامرا لأغرق،
قاحلا لينبت الماء.
•إيه أيها الوله
...
...
...
...
لا تنضج.
إشارات
•كتبت نصوص (أنثى لنهاية الشارع)، ( شجر عار) بين أعوام 97-2000م
•كتبت نصوص ( دقائق الرسالة وأجنحتها ) عام 2002م
•(وله) كتبت في العام 2004م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق